
محمد المكي أحمد:
سجلت الأوضاع المأساوية لأطفال غزة وسوريا والسودان وأوكرانيا ، الناجمة عن حروب، حضورا في أولويات رئيس وزراء قطر وزير خارجيتها الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، لدى افتتاحه “منتدى الأمن العالمي 2025” الذي بدا أعماله في الدوحة اليوم 28 أبريل 2025، ويعقد تحت عنوان “تأثير الجهات الفاعلة غير الحكومية على الأمن العالمي” .
وبينما عزا “استمرار النزاعات وإمتدادها زمنيا وجغرافيا دون آفاق واضحة للحلول” إلى ” غياب الإرادة السياسية الجماعية وتغليب المصالح الضيقة على متطلبات السلام العادل والشامل، قال إن ذلك يخلف وراءه أجيالا كاملة تنشأ في ظل العنف واليأس وفقدان الأمل وهو ربما الأثر الأكثر خطورة لهذه الصراعات” وأكد أن “أطفال غزة وسوريا والسودان وأوكرانيا ليسوا مجرد أرقام في تقارير المنظمات الدولية بل هم مستقبل مجتمعاتنا ومرآة لمدى نجاحنا وفشلنا في صناعة عالم أكثر أمنا وإنسانية” .
ولفت إلى مسالة مهمة بقوله “حتى لو توقفت الحروب غدا سنجد أنفسنا أمام تحدي لإعادة الإعمار الهائل ليس فقط لإصلاح الدمار المادي بل أيضا لإعادة بناء المجتمعات على المستويات الاجتماعية والنفسية”.
وأكد في هذا السياق “التزام دولة قطر بمواصلة دورها كشريك فاعل في جهود السلام والتنمية من خلال دعم الحلول السياسية للنزاعات والعمل الإنساني وبناء شبكات أمان تحمي المجتمعات من التطرف والعنف”.
رؤية قطر للحل تتجاوز وقف الحروب
وأشار إلى أنه في ظل تعدد الأزمات وتراجع التمويل الدولي فان ملفات مثل إعادة إعمار سوريا أو غزة تبدو وكأنها أصبحت أحلام مؤجلة على أجندة المجتمع الدولي .
لكنه قال إن “رؤيتنا للحل لا تنحصر في وقف إطلاق النار وإنهاء الحروب فحسب بل تمتد إلى بناء أسس متينة للتعافي الشامل والمستدام في مسؤولية جماعية والتزام دولي حقيقي”.
و لفت إلى ما سماه “الفواعل من غير الدول ” التي “تستغل الفراغات الأمنية وتتغذى على الفوضى والمعاناة سواء من جماعات إرهابية إلى شبكات جريمة منظمة، وتتخذ التصرفات المارقة لبعض الدول التي لا تواجه إلا بنذر يسير من الحكمة وكثير من الضعف والتراخي من بعض الحكومات ذريعة للتغلغل في وجدان الشعوب واختطاف دور المدافع الأوحد عن حقوقهم”.
مأساة غزة
وعن ماساة غزة، قال إن “ما يجري في قطاع غزة منذ أكثر من عام ونصف يقدم لنا دروسا مؤلمة حول هذه الديناميكية، فوسط دمار غير مسبوق وكارثة إنسانية تجاوزت كل الخطوط الحمراء فان للمنظمات الإنسانية و المبادرات المحلية دور بالغ الأهمية في إبقاء شريان الحياة متدفقا وفي نقل معاناة المدنيين إلى العالم وحتى في المساهمة في جهود الوساطة والمفاوضات.
وصمة عار على جبين العالم
وقال إن أكثر ما يؤلم ويمثل وصمة عار على جبين العالم كله أن الغذاء والدواء بات سلاحا في هذه الحرب فيستغل موت الأطفال جوعا وبردا سلاحا لتحقيق مآرب سياسية ضيقة ويحاصر شعبا بأكمله ويمنعه عن أبسط الحقوق في وصول المساعدات إليه دون محاسبة”.
دعم قطر للشعب الفلسطيني غير قابل للمساومة
وأكد أن “دولة قطر ستواصل بالشراكة مع جمهورية مصر العربية و الولايات المتحدة الأمريكية والشركاء الإقليميين جهودها الحثيثة للتوصل إلى وقف دائم وشامل إطلاق النار في غزة وتأمين تدفق المساعدات الإنسانية بلا عوائق، ونؤكد أننا دعم الشعب الفلسطيني ليس موقفا سياسيا قابلا للمساومة بل التزام أخلاقي و إنساني ينبع من قيام العدالة التي نؤمن بها”.
بوادر ايجابية تلوح في سوريا ولبنان
وعن سوريا رأى رئيس وزراء قطر أن هناك ” بوادر إيجابية تلوح و يجب التمسك بها و تعزيزها، في سوريا نرى الدولة التي يعاد بناؤها وشعب يعمل على رسم صورة جديدة لبلاده مع إدراك دقة المرحلة والحاجة إلى خطاب وطني جامع، وفي لبنان يمثل انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل للحكومة فرصة لإعادة إحياء المؤسسات وتعزيز الثقة بالدولة ومستقبلها شريطة أن يتزامن ذلك مع إصلاحات جوهرية وإشراك حقيقي للمجتمع المدني.
ولفت إلى بوادر إيجابية مشجعة في الدوحة عبر استضافة محادثات السلام بين جمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية رواندا والتي أسفرت عن التوصل إلى تفاهمات مبدئية لوقف إطلاق النار وخفض التصعيد وتعزيز بناء الثقة، وأكد أن هذه النماذج تبرز كيف يمكن للمسارات الرسمية و المبادرات المجتمعية معا أن تساهم في تهيئة بيئة داعمة للمصالحة الوطنية والاستقرار الإقليمي.
دعوة للاعتراف بالمظالم التاريخية ومعالجتها
وشدد على أن دولة قطرملتزمة بمبدأ الحوار كوسيلة أساسية لحل النزاعات وبناء السلام و “نحن نؤمن أن التعامل البناء مع المنظمات الإنسانية والمجتمع المدني والقطاع الخاص والأوساط الأكاديمية يشكل جزءا لا يتجزأ من أي جهد جاد لتحقيق الاستقرار المستدام ، وقال “من خلال تجاربنا المتعددة في الوساطة وحل النزاعات أدركنا أن بناء السلام الحقيقي يتطلب فتح قنوات حوار مع جميع الأطراف المؤثرة واحترام خصوصيات كل مجتمع والاعتراف بالمظالم التاريخية والعمل على معالجتها بروح من العدالة والمصالحة”.
يشارك في منتدى الدوحة قادة ،ومسؤولون، واختصاصيون في الشؤون الأمنية وأكاديميون،، ومنظمات مجتمع مدني ، ويناقش قضايا بينها تأثير المجموعات الإرهابية العابرة للحدود، والمجرمين الرقميين، والشركات العسكرية الخاصة والمنظمات الإجرامية ، ودور هذه الجهات في إعادة رسم ملامح الديناميكيات الجيوسياسية.