بريطانيا و أوروبامقالات

مشهد جونسون وهنت ..يثير الإعجاب وضرورات بناء أحزاب ونقابات سودانية قوية وفاعلة

محمد المكي أحمد:

تابعت اليوم وقائع جلسة اعلان فوز بوريس جونسون زعيما لحزب المحافظين في المملكة المتحدة ووفقا لهذه النتيجة فهو رئيس الحكومة البريطانية الجديد .

مشاهد حملات التنافس خلال الايام الماضية بين جونسون وجيريمي هنت (وزير الخارجية في حكومة تيريزا ماي زعيمة الحزب التي استقالت بسبب – بريكسيت- وتنتهي رئاستها غدا) كانت مشاهد حيوية عبرت عن عراقة المناخ والنظام الديمقراطي الذي يحتكم الى مؤسسات حقيقية تحكم البلد.

أثناء متابعة جلسة اعلان نتيجة التنافس على زعامة حزب المحافظين شدني مشهد جلوس جونسون وهنت في الصف الأول وكيف سارع هنت الى تهنئة جونسون فور اعلان فوزه بزعامة الحزب ورئاسة الحكومة.

دلالات المشهد رائعة وهي متاحة أمام الناس في كل دول العالم للتعلم والاستفادة من التجارب العريقة في كيفيات انتقال الزعامة بسلاسة .

اعتقد أن من ابرز التحديات التي تواجه الأحزاب السودانية ،يمينية ووسط ويسارية،وكذلك المنظمات المهنية ان تحتكم الى نهج ديمقراطي يبني مؤسسات حقيقية تتيح فرص تداول المواقع القيادية بسلاسة، كي يكون هذا سمة من اهم سماتها، لتساهم في بناء سودان ديمقراطي تعددي مستقر .

صحيح ان الانقلابيين (على مدى سنوات عدة) أعاقوا تطور الأحزاب السودانية والنقابات التي ناضلت وواجه عدد من قادتها القمع والاعتقال والملاحقة والتعذيب واستشهد بعضهم وصودرت ممتلكات.

أرى ان قادة أحزابنا (المعارضة) والنقابيين الذين قبضوا على الجمر لسنوات عدة وعدد من الكوادر المناضلة (من الجنسين) الذين قالوا لا للديكتاتوريين ورفضوا الظلم واستلاب الحريات ودفعوا أثماناً باهظة يستحقون التقدير والاحترام والتكريم .

لكن هذا لا يعني ان يتم تجاهل الأخطاء وغض الطرف عن تشخيص وتحليل مواطن القوة و الضعف والخلل في كيفيات ادارة عدد من الأحزاب والنقابات .

المراجعة ضرورية ومقدمة مهمة لارتياد آفاق جديدة ولتصويب الخطى والانطلاق نحو فجر جديد.

بناء احزاب ونقابات تقوم على نهج عصري ينبغي ان يحظى بأولوية ضمن الأولويات، أي أننا محتاجون لمؤسسات راسخة تشيع قيم العمل الجماعي وتعتمد معايير جديدة يتم في ضوئها تداول المواقع .

اذا تم هذا فسيشكل دعما حيويا لوطن ديمقراطي مستقر، ينتصر قادته لنبض الشعب ، ماسيساهم في تشكيل رأي عام مستنير ومدرك لدور الأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني في تنمية وطن تعددي ، كما سيشكل بناء مؤسسات قوية وفاعلة مصدر حماية للنظام الديمقراطي من مؤامرات المغامرين الانقلابيين.

صحيح ان ديمقراطية لندن عريقة وراسخة وتضبط إيقاعاتها مؤسسات وقوانين ومتجذرة في المجتمع كله منذ سنوات عدة ويشمل ذلك المدرسة.

وصحيح ايضا ان لشعب السودان تجاربه الديمقراطية وعشقه الملموس المحسوس للحرية والتعددية النابعة من واقعه ، وقد جاءت ثورة ديسمبر ٢٠١٨ السلمية الباهرة لتعبر عن هذا الوعي والوجدان الجميل.

لكن المطلوب بإلحاح الآن هو الوعي العميق بتحديات المرحلة وكيفيات بناء احزاب ديمقراطية بكل ما تعنيه الكلمة، واشاعة قيم الديمقراطية داخل الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني و تعزيز الاحترام المتبادل بين السودانيين وعدم شخصنة القضايا و عدم الغرق في وحل ومستنقع الإساءات والتجريح الشخصي ، وان نعتمد نهج التشخيص للمشكلات استنادا الى معلومات واراء رصينة لا مكان فيها ل(ألانا) لأننا نسعى الى وطن حر يحتضن الجميع، وتسوده قيم الحرية والعدالة والمساواة.

اعتقد بأننا محتاجون في هذا السياق الى إشاعة ثقافة الاعتراف بالأخطاء والاعتذار .

هذه الثقافة ستساهم في معالجة جروح غائرة في القلوب والعقول .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *