السودانمقالات

في رحيل (ود بارا)..

محمد المكي أحمد:

برحيل الفنان، المطرب، المبدع السوداني ،عبد الرحمن عبد الله حاج محمد (ود بارا) فقدت مدينتنا  في شمال كردفان وأهلنا  هناك،وفي الأبيض عاصمة  منطقة (كردفان  الكبرى)  والسودان، إبنا  متميزا ومبدعا  دخل قلوب الملايين من السودانيين .

الراحل   في مقدمة صفوف من  أصفهم ب(الأحياء تاريخيا) اذ سيبقى بابداعه وصوته الجميل  حاضرا وراسخا  في  الوجدان  السوداني ،لأنه بأداء غنائي جميل،نقل الأغنية والمفردة الشعبية الكردفانية  إلى رحاب الوطن الكبير .

أحبه  سودانيون في مختلف  مناطق السودان ،ما أكد قدرة المبدعين ،سواء كانوا شعراء أو مطربين  وغيرهم على كسر حواجز الزمان والمكان ،والمساهمة  الفاعلة  في تعزيز الوحدة الوجدانية بين السودانيين  ،اذ يلعب الشعر والغناء دورا  رياديا في نهضة المجتمعات ،التي تحترم الفن والابداع،وتدعم المبدعين.

بارا فقدت ، وأهلي هناك فقدوا مبدعا  من مبدعيهم ونجومهم، وما أكثرهم ،من الجنسين،  وقد حمل فقيدنا اسم مدينته ،   (ود بارا) إلى السودان العريض، وإلى   نبض  السودانيين ، بتنوعهم  الثر، وتعدديتهم  الثقافية، الجميلة   .

كان وسيبقى بصوته الدافيء، الحنون، مصدر اثراء وتأثير  ايجابي في خارطة التنوع والتعددية الفنية والثقافية بالسودان، وهذه التعددية  اراها مصدر اشعاع وصمام أمان للسودان ، وكان وما زال   الفقيد يقف  في صفوف ضمت ابرز من ساهموا في نقل الأغنية والكلمة الكردفانية إلى  فضاء الوطن الكبير،باداء متميز .

مثلما غنى   لبارا ، و(بت بارا)  وهي ( بت بلدي)  و(يا بارا جنة سواقي الريد،ويا مرتع الغزلان،وادي النخيل والصيد) غنى ل(عروس الرمال)  وقدم  بصوت مؤثر وحيوي عددا من الأغنيات المشحونة بعطر البيئة وجمالياتها وروح السودان العميقة ،وبينها (جدي  الريل)و(البلوم)و(شقيش ) و(ضابط السجن)و(ست الفريق)  وغيرها الكثير،الجميل،من كلمات سطرها شعراء يتمتعون بقدرات فائقة، أهلتهم للغوص في أعماق الناس ومخاطبة الاحساس والوجدان،وكلهم  يستحقون الاشادة والتقدير  .

رحيل  فقيدنا ، فقد للوطن ،السودان،  ولعشاق الغناء الجميل، والأداء الحيوي المتميز،والكلمة  ذات الصدى  والتأثير والفاعلية  في قلوب الناس وعقولهم.

يحلو لسودانيين أن يصفوه ب(بلوم  الغرب)أي غرب السودان ،فغرب السودان أثرى  حياة السودانيين وقدم الكثير  من الابداع للوطن ، شعرا ،و أدبًا وفكرا وأيضا  انتاجا   للموارد البشرية، والطبيعية كالصمغ العربي ،وهناك أيضا الثروة الحيوانية،والبترول، على سبيل المثال.

تسابق  سودانيون إلى نعي فقيدنا ،وهو نعي مستحق،لأنهم يعرفون أدوار من  أصفه ب (الحي تاريخيا) في مد جسور التواصل الوجداني بين بنات وأبناء السودان ،عبر اللحن بايقاعاته التي تهز الوجدان،  والأداء المتفاعل مع أعماق الناس ودفء الدواخل.

انضم عبد الرحمن عبد الله (ود بارا) إلى صفوف مبدعين  راحلين من كردفان والسودان.

رحيل أي مبدع ،في أي مجال، سواء كان  غنائيا    أو   شعريا أو  مسرحيا وغيرها من  أوجه  الابداع يدعو لتكرار سؤال قديم متكرر :متى يجد مبدعو السودان رعاية  شاملة في حياتهم،وعند المرض ،ومتى تحظى  أسرهم بالرعاية والاهتمام الحكومي المستمر،كي لا  تكون المساهمات المادية الشخصية هي السبيل الوحيد لاحتضان المبدع وأسرته في أوقات المرض .

المبدع ،  يبني الوجدان الأخضر  ولا يهدم، ويزرع غراس المحبة بين الناس ، ويستحق الدعم والرعاية الحكومية التي تتجاوز أساليب التعاطف الشخصي،إلى رعاية مؤسسية شاملة، تشمل الأسر، وبينها أسرة  عبد الرحمن عبد الله.

أسأل الله  أن يرحم فقيدنا رحمة واسعة،التعازي الى ابنه  مصعب،وبنتيه مروى ومنى  والأسرة في بارا ، والأبيض ، وأم درمان والخرطوم،والأهل في ربوع  كردفان والسودان .

(انا لله وانا اليه راجعون)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *