
محمد المكي أحمد:
في سياق تحرك دولي تتصاعد معدلاته، لمواجهة آثار الأزمة الإنسانية المتفاقمة في السودان، بسبب الحرب، أعلنت الأمم المتحدة أنها أطلقت مع شركائها، اليوم، الاثنين ( 17 فبراير 2025) نداءين إنسانيين للاستجابة للأزمة الإنسانية في السودان.
و قالت المنظمة ، وفقا لموقع ” أخبار الأمم المتحدة” الذي نشر الصورة مع التقرير إن الخطتين تهدفان إلى الحصول على 6 مليارات دولار، لمساعدة ما يقرب من 26 مليون شخص داخل البلاد، وفي البلدان المجاورة.
وأكدت أن نحو عامين من الصراع ( الحرب) تسببا في تأجيج أزمة حماية كارثية ونزوح 12 مليون شخص داخل السودان وعبر الحدود، ويستمر القتال في قتل وإصابة المدنيين وتدمير المستشفيات والأسواق والبنية الأساسية الأخرى.
وجددت التأكيد على أن ما يقرب من ثلثي السكان يحتاجون إلى مساعدات طارئة، وأن البلاد تواجه ظروف المجاعة، ويصل اللاجئون المحتاجون بشدة إلى البلدان المجاورة التي تعاني أصلا من ضغط على الموارد المحلية.
حالة طوارئ انسانية ذات أبعاد مروعة
في بيان مشترك، قال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة الطارئة توم فليتش “يواجه السودان حالة طوارئ إنسانية ذات أبعاد مروعة، المجاعة تستفحل، وباء العنف الجنسي يستشري، الأطفال يُقتلون ويُصابون، المعاناة مروعة.
وجاء في البيان أن “خطتنا بمثابة شريان حياة لملايين الناس، نحن بحاجة إلى وقف القتال، وتأمين التمويل لتقديم المساعدة للشعب السوداني، وتحسين الوصول برا وبحرا وجوا إلى أولئك الذين يحتاجون إلى المساعدة”.
من جهته قال فيليبو غراندي، مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين: “أصبح ثلث سكان السودان نازحين، وامتدت عواقب هذا الصراع المروع والعبثي إلى ما هو أبعد من حدود السودان، و لقد أظهرت الدول المجاورة تضامنا كبيرا من خلال الترحيب باللاجئين. ولفت إلى أن موارد هذه الدول محدودة ، فالأساسيات مثل المياه والمأوى والخدمات الصحية نادرة ، والسودان يحتاج إلى دعم عاجل.
وشدد على أنه “يجب على المجتمع الدولي أن يتدخل ويساعد، ليس فقط لضمان استمرار المساعدات الطارئة والحماية المنقذة للحياة دون انقطاع، ولكن أيضا لإنهاء العنف واستعادة السلام في السودان”.
مجاعة في خمسة مواقع
قالت الأمم المتحدة أنه تم الإبلاغ عن ظروف المجاعة في خمسة مواقع على الأقل في السودان تشمل مخيمات النازحين في دارفور وفي جبال النوبة. ومن المتوقع أن تتفاقم المجاعة الكارثية بحلول شهر مايو مع بدء موسم العجاف،ومن المتوقع أن تتفاقم الأزمة مع استمرار القتال وانهيار الخدمات الأساسية في معظم أنحاء البلاد.
وأوضحت المنظمة الدولية أن خطة الاستجابة الإنسانية للسودان تهدف إلى الوصول إلى ما يقرب من 21 مليون شخص معرضين للخطر من خلال المساعدات المنقذة للحياة والحماية، وأن هذا هو أعلى عدد من الأشخاص يتم تضمينهم في أي خطة منسقة للأمم المتحدة هذا العام، وتتطلب دعما قدره 4.2 مليار دولار.
فرار الآلاف يوميا
أكد بيان الأمم المتحدة أستمرار فرار الآلاف يوميا مع استمرار الصراع، وتصل غالبية الناس في حالة من الضعف الشديد، مع مستويات عالية من سوء التغذية وتتطلب مساعدات طارئة، وحتى الآن، سعى ما يقرب من 3.5 مليون شخص إلى الأمان في البلدان المجاورة مما زاد من استنزاف الخدمات والموارد الشحيحة أصلا.
وذكرت الأمم المتحدة أن خطة الاستجابة الإقليمية للاجئين ستعطي الأولوية لتقديم المساعدة المنقذة للحياة والحماية، بما في ذلك الملاجئ الطارئة، والانتقال من المناطق الحدودية إلى أماكن أكثر أمانا، والدعم النفسي والاجتماعي، والمياه النظيفة، والرعاية الصحية والتعليم.
وأشارت إلى أن الشركاء يحتاجون إلى 1.8 مليار دولار لدعم 4.8 مليون شخص في جمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد ومصر وإثيوبيا وليبيا وجنوب السودان وأوغندا، وأن الخطة تهدف أيضا إلى مساعدة البلدان المضيفة على تعزيز الخدمات الوطنية وتنفيذ البرامج التي من شأنها أن تساعد في تحقيق الاستقرار.
جيل من الأطفال مهدد بالحرمان من التعليم
حذرت الأمم المتحدة أنه بدون تمويل فوري، سيتم حرمان ثلثي الأطفال اللاجئين من الوصول إلى التعليم الابتدائي، ما يهدد جيلا بأكمل، . وسيستمر نحو 4.8 مليون لاجئ وعضو في المجتمع المضيف في مواجهة انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع حرمان ما لا يقل عن 1.8 مليون شخص من المساعدات الغذائية، وقد تنهار أنظمة الصحة المجهدة بالفعل.
وأكدت المنظمة الدولية أنه خلال العام الماضي وصلت المنظمات الإنسانية إلى أكثر من 15.6 مليون شخص في جميع أنحاء السودان بدعم قدره 1.8 مليار دولار، وشملت المساعدات المقدمة دعم الغذاء وسبل العيش لأكثر من 13 مليون شخص بالإضافة إلى دعم المياه والصرف الصحي والنظافة والصحة والتغذية ومساعدة المأوى.
وقدمت المنظمات الإنسانية العاملة في البلدان المجاورة مساعدات منقذة للحياة من خلال توصيل الغذاء لأكثر من مليون شخص والدعم الطبي لنصف مليون شخص وخدمات الحماية لأكثر من 800 ألف شخص.
وضع انساني كئيب ومثير للقلق
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك في المؤتمر الصحفي اليومي إن الوضع الإنساني في السودان لا يزال كئيبا ومثيرا للقلق البالغ، وأبدى قلقا خاصا بشأن تأثير العنف على المدنيين في وحول معسكر زمزم للنازحين في مدينة الفاشر، والذي تم إعلان المجاعة فيه.
وأكد نزوح حوالي 5500 شخص بحثا عن السلامة والمأوى في شمال جبل مرة في ولاية وسط دارفور، في أعقاب تصاعد الأعمال العدائية في معسكر زمزم خلال الأسبوع الماضي، وأشار إلى تقارير تفيد بأن آخرين منعوا من مغادرة المنطقة بسبب حدة القتال وإغلاق طرق الخروج الرئيسية.
وأشار إلى تأكيدات زملائه في المنظمة الدولية للهجرة، وقال إن هذا النزوح الأخير يرفع العدد الإجمالي للنازحين الجدد في شمال جبل مرة إلى أكثر من 120 ألف شخص. وأوضح أن وكالات الإغاثة قدمت مساعدات غذائية لحوالي 93 ألفا منهم، وتلقى حوالي 53 ألف شخص مأوى طارئا وإمدادات أخرى.
لاكروا يزور دولتي السودان
إلى ذلك ، يبدأ وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام جان بيير لاكروا زيارة إلى السودان وجنوب السودان وأبيي، اعتبارا من يوم الثلاثاء، الموافق 18 فبراير 2025 وتستمر حتى الـ 24 من الشهر نفسه.
وعلم أنه سيلتقي خلال الزيارة بالمسؤولين الحكوميين وممثلي الأمم المتحدة على الأرض، إضافة إلى منظمات المجتمع المدني والمجتمعات المحلية، بما فيها مجموعات النساء والشباب في بورتسودان، وستركز مناقشات لاكروا مع المسؤولين الحكوميين على تعزيز التعاون والتنسيق لدعم جهود حفظ السلام في منطقة أبيي.
وبعد بورتسودان سيتوجه المسؤول الأممي إلى جنوب السودان و سيلتقي في جوبا مع مسؤولين حكوميين وشركاء رئيسيين آخرين لمناقشة عمليات السلام الجارية في كل من جنوب السودان وأبيي.