مقالاتالسودان

اغتيال الأمير سليمان سهل جريمة بشعة تستوجب تحقيقاً دولياً

استهداف 21 شخصية قبلية في صداراتها  أمير قبيلة المجانين بطائرة مُسيّرة في السودان إمعان في استهداف المدنيين

محمد المكي أحمد:

شكّلت جريمة إغتيال 21 شخصية قيادية، قبيلة، في المزروب بشمال كردفان في السودان، في صدارتهم سليمان جابر جمعة سهل “أمير قبيلة المجانين” تطوراّ مأساوياّ لجرائم الحرب  الحالية في السودان.

وأثار استخدام مُسيّرة  أمس 17 أكتوبر 2025 لضرب زعيم قبيلة سودانية وحكيمها مع عدد من رموز المجتمع موجات غضب وحزن شديد وسط أهله ومواطني الإقليم، و في أوساط سودانية وحقوقية .

 وقال مصدر مطلع لموقع (إطلالة)  إن  أمير القبيلة السودانية المغدور ” إتخذ موقف الحياد بعد نشوب الحرب في السودان بين الجيش والدعم السريع،  وجنّب قبيلته أي صدام من اليوم الأول لانفجار الصراع”.

بشاعة الإغتيال تكمُن في أن الجريمة استهدفت  مدنيين في زمن الحرب، بينهم رمز كبير من رموز الحكمة والرصانة .

جريمة المزروب البشعة ليست الأولى في سجل استهداف مدنيين في السودان  بمُسيّرات في حرب ضربت كل القيم السودانية والإنسانية .

 وتعكس جريمة إغتيال أمير قبيلة المجانين ( ناظر بالمسمى التاريخي)  إمعاناً في مواصلة ارتكاب جرائم  لا سقف لها ، إذ  استهدفت زعيم قبيلة،تميّز بنهج الحكمة والرصانة والحرص على جمع الشمل وتجنيب أهله ويلات حرب ضروس.

اللافت أن طرفي الحرب في السودان أدانا جريمة  إغتيال أمير المجانين وأعمدة قبيلته.

وسارع “مجلس السيادة” من مقره في بورتسودان إلى نعي الأمير  الراحل ،ووصفه في بيان بأنه “أحد أبرز قيادات الإدارة الأهلية، ورجل وطني مخلص، أسهم في تعزيز السلام المجتمعى ودعم القضايا الوطنية”.

وأضاف أنه ” يعد من حكماء الإدارة الأهلية بكردفان، وواحد من الذين عُرفوا بالرأى السديد والحكمة والجودية والفصل في النزاعات الأهلية”.

وقال “مجلس السيادة ”  إن سليمان جابر جمعة سهل استشهد مع نفر كريم من أعيان القبيلة من العمد والمشايخ، إثر هجوم غادر وسافر شنته مليشيا آل دقلو الإرهابية ( قوات الدعم السريع) ، خلال اجتماع صلح عقدته الإدارة الأهلية بمنطقة المزروب”.

 وقالت ( قوات الدعم السريع)  في بيان،  إنه “إمعاناً في الانتهاكات الجسيمة واستهداف المدنيين، نفّذ جيش الحركة الإسلامية الإرهابية يوم الجمعة مجزرة بطائرة مسيّرة استهدفت المدنيين بصورة مباشرة ، ما أدى إلى مقتل عشرات الأبرياء، وعلى رأسهم ناظر وقيادات من الإدارة الأهلية وأعيان لقبيلة المجانين في منطقة المزروب الخاضعة لسيطرة قواتنا بولاية شمال كردفان”

وأضافت أنها ” تدين هذا العدوان الآثم بأشدّ العبارات، وتؤكد أن استهداف المدنيين إنما يأتي في إطار مخطط الانتقام والإبادة الجماعية الذي يمارسه ـ«الجيش الإرهابي» بقيادة مجموعة بورتسودان ضد المكونات المجتمعية المدنية “.

ودعا الناطق باسم (قوات الدعم السريع)  “المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية والهيئات المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه المجازر البشعة التي تُرتكب بحق الأبرياء في دارفور وكردفان، باعتبارها جرائم حرب وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف”.

وأدانت الإغتيال ” حكومة السلام”  وهي   حكومة ” نيالا ” أي  حكومة ( قوات الدعم السريع وحلفاء بينهم حركات مسلحة و أحزاب “.

وقال  رئيس ” حكومة نيالا”  محمد حسن التعايشي “إن حكومة السلام تلقت  ببالغ الحزن والأسى نبأ المجزرة المروعة”  وأتهم ما وصفها بـ “مليشيا جيش الحركة الإسلامية الإرهابية بقيادة المجرم ( رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش) البرهان باستخدام طائرة  مسيرة، في منطقة المزروب بإقليم كردفان، والتي راح ضحيتها عدد من خيرة أبناء هذا الوطن الغالي”.

وأضاف “كان الشهداء العمود الفقري لقبيلتهم ومجتمعهم في كردفان، واستهدافهم استهداف متعمد لكياننا الوطني، وطعنة في صميم نسيجنا الاجتماعي المتسامح”.

وقال “إن هذه الجريمة الشنيعة لن تمر دون محاسبة” ‏وأشار إلى أن حكومته ستقف إلى جانب أسرهم وذويهم في محنتهم،و ستكثّف الجهود مع الشركاء الإقليميين والدوليين لملاحقة مرتكبي هذه الجريمة ومحاسبتهم أمام القضاء الدولي كمجرمي حرب.

‏وقال إنه سيتم  تسخير الإمكانات كافة لتأمين المناطق المدنية وحماية المواطنين .

الاتهامات المتبادلة بين حكومتي بورتسودان ونيالا ( توجد حكومتان في السودان حاليا،) تؤكد ضرورة إجراء تحقيق دولي مستقل وشفاف  لتحديد الجهة أو  الجهات التي تقف وراء مسلسل  الاغتيالات البشعة  التي  طالت عددا من  المدنيين في السودان، كما أن اندلاع الحرب وكل الجرائم التي ارتكبيت تستوجب التحقيق والمساءلة.

تبقى الحقيقة المرة وهي أن استمرار الحرب في السودان تسبب وسيتسبب في سفك دماء كثيرة، وسيوغر صدور السودانيين بالكراهية والأحقاد ،ويدفعهم إلى إذكاء نيران الاستهداف المتبادل الذي يدفع ثمنه قبل غيرهم مدنيون أبرياء.

وفي إطار الصراع سيتواصل مسلسل الأكاذيب ونشر الأخبار والتعليقات المضللة، لأنه لا توجد في السودان كله دولة مؤسسات و سيادة للقانون.

وقف الحرب ينبغي أن يحظى بأولوية سودانية وإقليمية ودولية لتتم إعادة بناء السودان من الصفر.

من يرفض وقف الحرب وإحلال السلام  مسؤول عن ارتفاع معدلات جرائم القتل اليومية الشنيعة، ومسؤول أيضا عن اشتعال نيران الخطاب السياسي،  المتبادل بين أطراف الصراع، والمشحون بالاتهامات المتبادلة والإسفاف المنتشر بين سودانيين في وسائل التواصل الإجتماعي.

‏نسال الله أن يرحم الأمير سليمان جابر جمعة سهل، وأركان القبيلة الأكارم رحمة واسعة ويسكنهم فسيح جناته.

رحيلهم  فقد كبير   لأهلهم ولمواطني إقليم كردفان وللسودانيين داخل السودان وخارجه.

السودان في مسيس الحاجة إلى رجال حكماء  وليس محتاجاً إلى  أشرار، وقتلة، يستبيحون دماء الناس، ولا يهتز لهم رمش، لأنهم لا يخافون الله ، الذي يُمهل ولا يُهمِل.

التعازي لأهلنا في المزروب والسودان، وفي قطر والخليج و دول العالم،  ولكل السودانيين الذين  فقدوا أحبابهم وحبيباتهم بسبب الحرب، التى اندلعت بصراع محموم  على  “الكراسي الساخنة” التي لن تدوم.

على مرتكبي جرائم الحرب أن يتعظوا من قرار المحكمة الجنائية الدولية في 6 أكتوبر 2025 ، الذي أدان علي محمد علي عبد الرحمن ( علي  كوشيب)  على جرائم  قالت المحكمة أنه ارتكبها في الفترة بين 2003 و2004.

الإفلات من العقاب بات أمرا غير ممكن، مهما طال الزمن، وتعاقبت السنوات على تاريخ  ارتكاب جرائم حرب وجرائم  ضد الإنسانية.

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *