
محمد المكي أحمد:
أثار الهجوم الإسرائيلي على قطر، أمس، غضباً شديداً في الأوساط القطرية الرسمية والشعبية، وفي دول مجلس التعاون الخليجي، ودول عربية وإسلامية وعدد كبير من دول العالم، وبينها دول كبرى، ، وكانت قطر أدانت ” الهجوم الغادر “وفق وصف رئيس الوزراء، وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني .
وبدأت الدوحة، اليوم، إجراءات وخطوات سريعة للتعامل مع تداعيات ” إرهاب الدولة” وفقا لرئيس الوزراء.
أمن المواطنين والمقيمين أولوية
وقال في مؤتمر صحافي، عقده مساء أمس، إنه ” بتوجيه من سمو الأمير، سيتم العمل منذ الغد ( اليوم) إجراء مراجعة شاملة للسياسات والإجراءات لضمان ردع هذه التصرفات ( الإسرائيلية )وعدم تكرارها، مشيرا إلى أن الأمير يشدد على أن ” أمن المواطنين والمقيمين هو في سلم الأولويات”.
فتح ملف قانوني
وفتحت قطر ملفا قانونيا لملاحقة إسرائيل، وأفاد رئيس الوزراء في هذا الشأن بتشكيل فريق قانوني برئاسة وزير الدولة بوزارة الخارجية الدكتور محمد بن عبدالعزيز بن صالح الخليفي، و” سيباشر باتخاذ كافة الإجراءات القانونية للرد على الهجوم الذي وصفه رئيس الحكومة بـ “تصرف مارق”.
ويعكس هذا الجانب سعيا قطريا لملاحقة نتانياهو ، وستعقد جلسة لمجلس الأمن الدولي، ، في إطار حراك قطري دولي ، و ترى الدوحة أن ” ما شهدته أراضي قطر ، ماهو إلا إرهاب دولة يمارسه شخص مثل بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي في سياق هذه السياسات الممنهجة والمحاولات المستمرة لزعزعة الأمن والاستقرار الإقليمي” وفقا للشيخ محمد بن عبد الرحمن .
رسالة لدول مجلس التعاون الخليجي
وضربت قطر حاليا بقوة على وتر أمن المنطقة الخليجية، وقد أرسلت رسالة تحذير إلى دول مجلس التعاون الخليجي ودول المنطقة بشأن ما يقوم به ” اللاعب المارق نتانياهو ” .
وقال رئيس الوزراء في توصيف قطري هو الأول من نوعه “أن هناك لاعبا مارقا يمارس عربدة سياسية مستمرة في هذه المنطقة وينتهك سيادة الدول فيها”.
وقال لدول المنطقة : “إن نتنياهو صرح بنفسه بأنه سيعيد تشكيل الشرق الأوسط، متسائلا:” هل هذه رسالة أيضا بأنه سيعيد تشكيل الخليج العربي؟”.
وطالبت قطر دول المنطقة كافة بـ”رد لمجابهة هذه التصرفات العدائية التي لا تعكس إلا همجية نتنياهو الذي يقود المنطقة إلى مستوى لا يمكن إصلاحه، ولا يمكن العمل وفق النظم والأطر والقوانين الدولية التي ضربها بعرض الحائط.”
الغدر ونتنياهو
وشدد رئيس الوزراء على أنه لا يمكن تسمية الهجوم “إلا غدرا، والغدر شيء طبيعي في شخص مثل نتنياهو”، مشيرا إلى “هذا التصرف الممنهج من شخص يدعي بأنه يحقق استقرار المنطقة، وهو لا يحقق إلا زعزعة المنطقة بأوهام نرجسية لمصالحه الشخصية”.
وعن موقف الدوحة ، أكد في أن قطر ” لن تتهاون إزاء أي مساس بسيادتها وسلامة أراضيها أو تهديد أمنها واستقرار المنطقة”، وأن ” دولة قطر تحتفظ بحق الرد حيال الهجوم الإسرائيلي وستتعامل بحزم مع أي اختراق متهور أو اعتداء يطال أمنها ويهدد استقرار المنطقة، وسوف تقوم باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للرد عليه”.
اتصالات مكثفة لاتخاذ إجراءات
وأفاد الشيخ محمد بن عبدالرحمن بأن ” قطر أجرت اتصالات مكثفة مع جميع الدول الشقيقة والصديقة لاتخاذ إجراءات حيال هذا الهجوم، وسيتم الإعلان عن كل ما يتم اتخاذه خلال الأيام المقبلة”.
لماذا تواصل الدوحة دور الوساطة؟
ورغم الغضب القطري الشديد الذي عبر عنه رئيس الوزراء تجاه ” غدر” نتانياهو فقد جدد التأكيد بشأن دور الوساطة أن ” دولة قطر لم تدخر جهدا لإنجاح مفاوضات وقف إطلاق النار، وأنها ستواصل بذل كل ما يلزم من أجل إنهاء الاعتداءات على قطاعى غزة” وأكد أنه لا توجد في الوقت الراهن أية مفاوضات قائمة بشأن صفقة في ظل استمرار الهجوم الإسرائيلي.
وأضاف أن الدبلوماسية القطرية لم تبن على مواقف آنية أو ردود أفعال تجاه أطراف معينة، وإنما على أسس راسخة هدفها تحقيق الاستقرار في المنطقة عبر الحلول السلمية والجهود الدبلوماسية المكثفة، وقال إن الحروب والصراعات لن تفضي إلى الاستقرار المنشود.
وفي تأكيد جديد، قال إن :” الوساطة تمثل جزءا أصيلا من هوية السياسة القطرية، وأن دولة قطر ماضية في هذا الدور بكل ثبات، حرصا على استقرار المنطقة وضمان أمن ورفاه شعوبها”.
وكان لفت إلى أن الهجوم الإسرائيلي السافر الذي استهدف مقر قيادات المكتب السياسي لحركة حماس تم أثناء انعقاد المفاوضات في الدوحة ووصفه بأنه “إرهاب دولة”.
وكان شدد على أن ” الهجوم الغاشم لا يتجاوز القوانين الدولية فحسب، بل المعايير الأخلاقية والإنسانية، وخاصة أن قطر دولة وسيطة تستضيف مفاوضات بشكل رسمي وبوساطة رسمية وبحضور وفود من إسرائيل التي شنت هجوما على الوفد المفاوض من الطرف الآخر.”
وتابع: “أن هذه الأيام شهدت المراحل الأخيرة للمفاوضات التي كانت مستمرة على قدم وساق بطلب من الجانب الأمريكي لبحث الورقة الأخيرة التي تم استلامها منه، وبمعرفة الطرف الإسرائيلي الذي كان يرسل وفوده بشكل مستمر إلى الدوحة”، ورأى أن ما حدث عمل تخريبي لكل محاولات إحلال فرص السلام في المنطقة.
رسالة للعالم.. من هو المتنمر؟
وفي رسالة لدول العالم، تساءل رئيس الوزراء القطري : “هل العالم يحتاج إلى رسالة أوضح من ذلك، ومن الذي يغلق هذا الباب للسلام؟، وهل المجتمع الدولي يحتاج رسالة أكثر من ذلك، من هو المتنمر في المنطقة؟”.
هل تلقت قطر إخطاراً أميركياً قبل الهجوم الإسرائيلي؟
و رد الشيخ محمد بن عبد الرحمن على ما ذكرته متحدثة أميركية بشأن إبلاغ قطر بالهجوم الإسرائيلي قبل وقوعه، وقال في رسالة في هذا الشأن: “إن ما يتداول بشأن تلقي دولة قطر إخطارا من الجانب الأمريكي قبل وقوع الهجوم الإسرائيلي عار عن الصحة”.
وأكد أن الاتصال من أحد المسؤولين الأمريكيين ورد بعد عشر دقائق من وقوع الاعتداء، حيث أبلغت الدوحة بأن الجانب الأمريكي تلقى للتو رسالة تفيد بوقوع الهجوم.
وأوضح أن الهجوم وقع في الساعة الثالثة وست وأربعين دقيقة عصرا، وأن أول اتصال من مسؤول أمريكي جاء في الساعة الثالثة وست وخمسين دقيقة، أي بعد عشر دقائق من وقوعه.
وأضاف أن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أجرى اتصالا في وقت لاحق مع سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ، و أدان ترمب الاعتداء ، وقال إن الولايات المتحدة لم تكن على علم مسبق بالهجوم ولم يسبقه أي تنسيق، وأكد أن الإخطار الرسمي وصل بعد بدء الهجوم.
الدفاعات الجوية
وسئل عن الدفاعات الجوية القطرية، رد بقوله: “إن المنظومة الدفاعية القطرية أثبتت كفاءتها في التعامل بدقة مع موجة الصواريخ الإيرانية، ولم تسجل أي أضرار، غير أن العدو الإسرائيلي استخدم أسلحة لم تتمكن الرادارات من كشفها، ما جعل الهجوم غادرا بشكل كامل ولم يكن هناك علم مسبق به”.