
لندن – ( إطلالة)
أثارت إستقالة نائبة رئيس الوزراء البريطاني أنجيلا راينر، اليوم، في اعقاب تحقيق أجراه مستشار مستقل للمعايير الوزارية ردود فعل متباينة في بريطانيا ، خصوصا أن الإستقالة جاءت عقب اعترافها بدفع ضرائب أقل مما ينبغي دفعه بعد شراء شقة.
واستقالت أنجيلا أيضا من حقيبة الإسكان التي كانت تتولاها، وقالت إنها دفعت ضرائب أقل مما ينبغي دفعه بناء على نصيحة محاميها، بعد شراء شقة في بلدة هوف، على الساحل الجنوبي من إنكلترا.
ووفقا لـ “بوليتيكو” فان أنجيلا أحالت نفسها إلى المستشار المستقل للمعايير الوزارية، لوري ماجنوس، الذي قدم تقريره إلى رئيس الوزراء كير ستارمر، اليوم، الجمعة.
رسالة أنجيلا إلى ستارمر
وقالت في رسالة وجهتها نائبة رئيس الوزراء المستقيلة إلى رئيس الوزراء ، إنها لطالما آمنت بأن من يخدمون الشعب البريطاني في الحكومة يجب أن يلتزموا بأعلى المعايير.
وأضافت “على الرغم من أن المستشار المستقل خلص إلى أنني تصرفت بحسن نية وبأمانة ونزاهة، إلا أنني أقر بأنني لم ألتزم بأعلى المعايير فيما يتعلق بعملية شراء العقار الأخير”.
وكانت وسائل الإعلام البريطانية أثارت خلال الأيام الماضية مسالة شراء إنجيلا منزلا ثانيا في بلدة هوف الساحلية .
وتفاعلت أنجيلا مع الحراك السياسي والتحليلات الإعلامية واعترفت بأنها دفعت أقل بنحو 40 ألف جنيه إسترليني من الضريبة المفروضة على شراء المنزل.
وشددت على أن فهمها الأولي أنها دفعت المبلغ الصحيح بناء على نصيحة محاميها.
خلاصة التحقيق المستقل
وذُكر أن أنجيلا بعد طلاقها باعت حصتها المتبقية في منزل العائلة الذي صندوق أنشئ لإبنها من ذوي الاحتياجات الخاصة.
لكن التحقيق خلص إلى أنه كان يجب عليها دفع ضريبة أعلى عند شراء العقار الجديد لأنه يعد فعليا منزلا ثانيا.
وأكد تقرير المستشار المستقل لشؤون المعايير الوزارية لوري ماغنوس الذي نشر اليوم أن الظروف الشخصية لراينر “انطوت على قدر كبير من التعقيد”. ورأى أن الأمر “مؤسف للغاية” وأن وزيرة الإسكان لم تدفع الضريبة المستحقة، وقال إنها تجاهلت التحذير بأن الاستشارة المقدمة لها بشأن الشراء “لم تكن نصيحة ضريبية متخصصة”.
انتهاك مدونة السلوك الوزاري
واعتبر المستشار المستقل لشؤون المعايير الوزارية إن أنجيلا راينر قد انتهكت مدونة السلوك الوزاري التي تحدد المعايير الواجبة على الوزراء، رغم أنها تصرفت بنزاهة والتزام واضح بالخدمة العامة، وأنها لم تتمكن من الالتزام بـ”أعلى المعايير الممكنة للسلوك السليم”.
رد رئيس الوزراء على خطاب الاستقالة
ورد رئيس الحكومة كير ستارمر على خطاب استقالة إنجيلا وقال: “على الرغم من أنني أعتقد أنك وصلت إلى القرار الصحيح، إلا أنني أعلم أن هذا القرار مؤلم للغاية بالنسبة لك”. وأعرب عن حزنه لفقدانها من الحكومة، وقال أنها كانت “زميلة موثوقة وصديقة حقيقية لسنوات عديدة”.
واتخذ ستارمر قرارت سريعة لملء الفراغ الوزاري، وذكرت (بي بي سي BBC) أنه تم تعيين ديفيد لامي نائبا لرئيس الوزراء ووزيرا للعدل، وكان وزيرا للخارجية قبل استقالة أنجيلا ، وتعيين إيفيت كوبر وزيرة للخارجية ، وكانت وزيرة للداخلية، ويتوقع أن تتواصل التعيينات لشاغلي بعض الحقائب الوزارية .
تفاعلات في دولة المؤسسات وسيادة القانون
يشار إلى أن أنجيلا استطاعت وفقا لتحليلات مراقبين أن تفرض حضورا ووجودا فاعلا لسنوات عدة في حزب العمال الذي يقود الحكومة البريطانية حاليا، وكانت سندا كبيرا لرئيس الوزراء ، ووصفتها بعض الأوساط بالمرأة القوية ، وذات التأثير الفاعل في الحكومة والبرلمان.
و تجيء استقالتها التي شغلت الوسط السياسي والإعلامي في بريطانيا خلال هذه الأيام، لتؤشر إلى طبيعة الضوابط السياسية والقانونية المهمة والايجابية التي يجري تطبيقها على كبار المسؤولين وغيرهم، في دولة المؤسسات وسيادة القانون.
استقالة ترسل رسائل ساخنة
و ترسل تفاعلات إستقالة أنجيلا رسائل ساخنة إلى عدد من دول العالم ، حيث لا يخضع مسؤولوها لتحقيق ومساءلة .
وهذا التباين في المناخات السياسية والقانونية يوضح البون الشاسع بين ما يجري في بريطانيا باعتبارها دولة مؤسسات وسيادة القانون وصحافة حرة ، ودول يرتع مسؤولوها كما يحلو لهم ،ويرتكب بعضهم شتى أنواع المخالفات ، بل الجرائم ،ولا يخضعوا لأي تحقيق أو مساءلة، كما لا تستطيع الصحافة في دولهم مجرد الإقتراب من رؤؤس كبيرة، أو صغيرة تسير في ركابها .