
محمد المكي أحمد:
أيًا تكن الأسباب فان (تمرد) بعض عناصر هيئة العمليات المحلولة التي كانت تتبع (جهاز الأمن والمخابرات) في السودان الذي اصبح الآن (جهاز المخابرات) ونزولها بالسلاح الى الشارع وإطلاق النار في الهواء وإرعاب الناس ،أيا تكن الأسباب،سواء تمثلت في عدم قبول مكافأة ما بعد الخدمة أو غير ذلك، فان الإقدام على هذا( التمرد) بلغة السلاح يعتبر جريمة كبري يجب أن تضع لها السلطات الأمنية والعسكرية نهاية تحول دون اراقة دماء المواطنين وتحمي ثورة الشعب من أي انتكاسة أو تشويه .
ما جرى تتحمل السلطات الأمنية والعسكرية مسؤوليته ، ومطلوب أيضا محاسبة من قصروا في اداء مهماتهم ، لاننا لا نقبل المس بثورة الشعب والحكومة الانتقالية المدنية.
لا يمكن النظر الى (التمرد بالسلاح) في قلب الخرطوم بمعزل عن تحركات حاقدة تقودها منذ فترة عناصر النظام المباد التي وجدت فرصا واسعة للاستهانة بإنجاز الشعب الباهر الذي ادهش
العالم كله وأسقط نظاما قمعيا بحراك سلمي.
ما جرى مقدمة لتحركات تآمرية لن تتوقف في ظل تحكم عناصر النظام الديكتاتوري السابق على مفاصل الدولة كما نعرف منذ سنوات وكما اعترف البشير في الحلقات التي بثتها قناة (العربية) وهاهو حدث اليوم يؤكد هذه الحقيقة.
ما جرى رغم خطورة دلالاته يحمل رسائل مفيدة للقادة العسكريين والمدنيين، كي تتم الاستجابة لنبض الشعب، بإجراء اعادة هيكلة شاملة للأجهزة الأمنية والجيش،وقد منحت الوثيقة الدستورية هذا الحق للقادة العسكريين،والآن اتضح ان أمامهم تحديات كبيرة.
المؤكد أيضا ان بدء اعمال لجنة التفكيك وازالة التمكين لنظام ٣٠ يونيو ١٩٨٩ أقلق عناصر النظام الديكتاتوري المباد الذين سيجدون في أي تحرك أو تمرد حتى لو كان محدودا فرصة للضغط على مجلس السيادة (العسكري المدني) و الحكومة الانتقالية المدنية من خلال زعزعة الاستقرار وتقديم صورة سيئة للعالم عن الوضع في السودان .
علينا ان لا ننسى في هذا السياق انه كلما شهد السودان تحركا لاحلال السلام والتوصل لاتفاق بين الحكومة والحركات المسلحة توضع عقبات، والآن جاء حدث اليوم في توقيت محسوب لعرقلة مايحدث في جوبا حاليا ،ولإفشال التفاعلات الإيجابية لزيارة رئيس الوزراء دكتور عبد الله حمدوك الى كاودا ولقائه رئيس الحركة الشعبية القائد عبد العزيز الحلو ، وكل هذا يتم في اعتقادي في إطار عملية تآمرية لإرباك الأوضاع تمهيدا لاسقاط النظام الديمقراطي .
حدث مثل هذا التآمر عندما اقتربت الحكومة الديمقراطية (الديمقراطية الثالثة) في عام ١٩٨٩ من التوصل لعقد مؤتمر لحل أزمة جنوب السودان،حيث انقلبت (الجبهة القومية الإسلامية) على النظام الديمقراطي في ٣٠ يونيو ١٩٨٩(انقلاب عمر البشير).
انتبهوا أيها الجالسون على كراسي الحكم، النيران تبدأ بشرارة ، وعليكم في الوقت نفسه انصاف أي مظلوم والتعامل بعدالة وشفافية مع اية جهة تطالها قرارات لجنة التفكيك والمعالجة السريعة لأية مشكلة حتى لا تتراكم المشكلات والتحديات.
ثورتنا تحققت بدماء الشهداء والجرحى وضحايا التعذيب وأوجاع النازحين واللاجئين وتضحيات بنات وابناء السودان ودموعهم ، فلا نقبل أي تهاون أو تفريط في إنجاز الشعب العظيم.
هذا ليس تضخيما لحدث اليوم، لكنها رسالة تحذير وتنبيه بان المتآمرين الكبار وادواتهم لن يوقفوا تآمرهم لانهم ادركوا ان عجلة التغيير مستمرة وهي تكشف يوميا للشعب والعالم جرائمهم وفسادهم وسرقاتهم للمال العالم.
وغدًا ستتكشف حقائق المؤامرة ومن يقف خلفها.
برقية: استمعت الى تصريحات النائب الاول لرئيس مجلس السيادة قائد الدعم السريع الفريق محمد حمدان حميدتي من جوبا بعد نشر ما كتبته عن وجود مؤامرة، وقد اكد في حديث صريح ما اشرت اليه هنا ( على صفحتي في فيسبوك) بان هناك مؤامرة، وقال ان مدير المخابرات السابق صلاح قوش يقف وراء تمرد اليوم ، وان ما جرى هو نتاج تخطيط وان هناك تنسيقا بين عناصر عسكرية (من المخابرات) مع مظاهرات (سابقة ولاحقة)تخطط لها عناصر من النظام السابق.
أحيي الشفافية التي تحدث بها الفريق حميدتي ،واحيي تشديده على امن الوطن وهيبة الدولة، وسعيه لكشف أي معلومة مستقبلا .
أدعو كل المسؤولين في مجلسي السيادة والوزراء الى التكاتف وتعزيز الشراكة المدنية العسكرية واتخاذ الشفافية اسلوبا لمخاطبة الشعب والعالم.
التعتيم ضار ،ويحول دون استنفار طاقات الشعب لدعم السلطات الانتقالية ،ويتيح للمتآمرين فرص التمدد واستغلال مناخ الحرية.