السودانمقالات

ضرورات مهمة لانجاح مبادرة حمدوك

مبادرة (القومة للسودان ) استفتاء ورسائل

محمد المكي أحمد:

دكتور عبد الله حمدوك رئيس  (حكومة الثورة الشعبية السودانية الباهرة)  خاطب الشعب السوداني مساء  (٣ أبريل ٢٠٢٠) ،  وأطلق  مبادرة (القومة للسودان) وهي مبادرة   تخاطب نبض الشعب وضميره الوطني، وتستنفر  طاقاته، بالدعوة الى  تبرع جماعي،للسودانيين داخل السودان وخارجه .

حمدوك أشار الى تحديات وآثار فايروس (كورونا) على السودان والعالم كله، ودعا بنات وأبناء السودان الى دعم الوطن ب(مواصلة تجليات وإرث الثورة المجيدة)،مشيرا الى ان (عمل الحملة لن  يتوقف عند حالات الطوارئ )وسيعقب ذلك طرح مشاريع زراعية وصناعية (إلخ) في مراحل مقبلة.

 أرى أن الخطاب حمل عددا  من النقاط المهمة التي تعكس قيم الثورة السودانية التي يعبر عنها رئيس حكومتنا المدنية الانتقالية.

في صدارة المرتكزات المهمة تأتي لغة المكاشفة التي خاطب بها حمدوك الشعب ،اذ تحدث عن  أننا (نشهد  فترة عصيبة في تاريخ بلادنا) ، ما يستوجب  (مسؤولية جماعية).

هذه اللغة مهمة،  والأكثر أهمية ان تكون لغة مكاشفة الشعب ومصارحته بالحقائق والتحديات الداخلية والخارجية (يومية) أي ، مستمرة ، لأنها هي التي تستنفر الشعب، ليتفاعل مع حكومته.

أدعو الى المزيد من الشفافية، بكشف (تفاصيل) التحديات والممارسات البشعة للنظام الديكتاتوري المباد ورموزه وعناصره التي قتلت و سرقت المال العام، المعلومات الكاملة هي التي تنجح في تشكيل الرأي العام السوداني، وتوظف طاقات الشعب ليواجه التحديات، وتمنحه أيضا القدرة على الصبر  حتى تتم اعادة البناء.

  خطاب المبادرة تحدث أيضا عن (العمل الجماعي)، هذه لغة التغيير والثورة ، التي أطاحت لغة (الأنا) التي كان احدى (صفات) الرئيس المخلوع وجماعته،  وتعزيز هذه اللغة يتطلب الاستماع  المستمر الى نبض الشعب، وخلق قنوات تواصل (مستمرة) مع قواه الحية،وبينها (لجان المقاومة).

حديث حمدوك عن ضرورات (التماسك  وتضافر الجهود) باعتبار ذلك يشكل( نقطة الانطلاق التي ستمكن من تجاوز هذه المرحلة الصعبة)  يعبر عن منطق  واقعي.

الشعب الذي أطاح  رموز الاستبداد، بتظاهرات بناته وأبنائه وبدماء الشهداء منذ ٣٠ يونيو ١٩٨٩ (تاريخ  انقلاب  الجبهة القومية الإسلامية)  وحتى اليوم،  قد انتصر وصنع ثورته بالتلاحم  بين قوى الشعب (الثائرة) وفي صدارتها قوى شبابية  ومهنية   وسياسية.

هذا معناه أن نجاح مبادرة (القومة للسودان)  يحتاج الى أن تعيد( قوى  الحرية والتغيير) قراءة   أحوالها  ومراجعة أساليب عملها  لتوحد خطاها، ولتحدد كيفيات  جديدة  لدعم (حكومتها)  بوضوح الرؤى وتماسك الصفوف والارتفاع الى مستوى التحديات  الداخلية والخارجية، بدلًا من اللجوء الى إصدار بيانات تكشف خللا في التنسيق والتفاهمات مع الحكومة .

ان  فعلت  قوى الحرية والتغيير ذلك   ستساهم في تقوية حكومتها وتعزيز خطاها ومساعدتها على معالجة أوجه القصور والعجز ، على طريق الانتصار لنبض الشعب،وان لم تفعل  فستتعثر الحكومة، وستتجاوز الأحداث (قوى الحرية)، اذ يوجد  جيل جديد لن يفرط بوعيه  وصموده في ثورته التي صنعها بتضحيات الشهداء.

مجلس السيادة مطالب أيضا بقراءة الأوضاع الراهنة، ليقف على مدى  الالتزام ب(الوثيقة الدستورية) رغم النواقص ، وكيف يمكن أن تتضافر جهود الأعضاء العسكريين والمدنيين  لحماية الثورة من أعدائها،بالعمل الجماعي البعيد عن (التحركات الشخصية)  ،وبدعم  الحكومة المدنية باحترام اختصاصاتها.

في هذا الإطار تأتي أهمية مواصلة عمليات إعادة هيكلة الأجهزة العسكرية والأمنية ، ونشر وتعميق  ثقافة حقوق الإنسان في أوساط بعض العسكريين الذين  يمارسون  الضرب بالسياط لشباب وغيرهم أو إساءة  أوإهانة  هذا   الطيب أو تلك المرأة .

لابد ان يعرف هؤلاء حدودهم ويحترموا كرامة أية سودانية أو سوداني،لأن  إصدار عقوبة أية مخالفة ليست من اختصاصاتهم  .

حكومة حمدوك التي أطلقت مبادرة (القومة للوطن ) بعد سلسلة  مبادرات شعبية  عدة أعلنت  داخل السودان وفي الخليج وأوروبا وأميركا وغيرها،  هذه الحكومة  مطالبة  بالمزيد من الخطوات التي تؤدي الى تعميق احساس وقناعة الشعب وقواه الثورية بأن الحكومة  حاسمة بقراراتها الشجاعة  وقوية بمواقفها وذات هيبة مستمدة من قوة الثورة وشعار (حرية،سلام ،وعدالة) .

مناخ الحرية والسلام  والعدالة لا  يعني (الغفلة) و(ترك الحبل على الغارب) للمتآمرين ،ليسرحوا ويمرحوا ويشوهوا ويشتموا ويحبطوا خطط تحقيق الاستقرار و  اعادة البناء الاقتصادي والديمقراطي،من دون مساءلة قانونية، وفي غياب غياب قوانين تحمي الثورة ،أي تحمي خيار الشعب من أعداء الحرية والسلام  والعدالة .

أخلص الى القول الى أن مبادرة (القومة للسودان)   تضع  السودانيين  كافة-وخصوصا الملايين التي خرجت الى الشوارع أو دعمت الثورة  في السودان وأوروبا واميركا وأستراليا والخليج وغيرها  وأسقطت الحكم الديكتاتوري الظالم – أمام اختبار حقيقي،  اذ ان إنجاح المبادرة   سيشكل انتصارًا  جديدًا لشعبنا وثورتنا السلمية، و  إحباطًا لمخططات القوى الانقلابية الشريرة الماكرة .

أرى أن الالتفاف حول المبادرة ب(التبرع الجماعي)   من خلال ترتيبات  واجراءات واضحة داخل السودان وخارجه سيشكل  (استفتاءً)   شعبيا  يكشف بدوره  احتضاننا و التفافنا ودعمنا  للحكومة  المدنية التي ناضل شعبنا من أجلها،  ودفع أثمانًا غالية  حتى بزغ  فجر الحرية وأطلت شمس  السودان الجديد  .

 العناق والتلاحم المتوقع  بين حبيبات الوطن وأحبابه وحكومة ثورتهم  سيرسم  آفاق (استفتاء)  كاسح بتوقيع الملايين داخل السودان وفي  دول المهجر ،وسيرسل رسائل مهمة وساخنة الى بريد جهات عدة، بينها  دول الإقليم والعالم.

خلاصة الرسائل أن شعبنا  موحد الخطى،  متمسك بثورته وحكومته الانتقالية ، سيقدم التضحيات تلو التضحيات من أجل نجاح نظام ديمقراطي مستمد من  إرادة شعبنا، وفي الوقت نفسه يمد شعبنا  يد التعاون  والتفاهم الى كل  الأشقاء والأصدقاء في افريقيا والخليج والعالمين العربي والإسلامي ودول العالم كافة، انطلاقا من قاعدة  المصلحة المشتركة والاحترام المتبادل .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *