أمريكامقالات

رسالة  بايدن  العالمية الساخنة الى  (منتهكي حقوق الإنسان)

محمد المكي أحمد:

يجيء اعلان الرئيس الأميركي جو بايدن  بشأن سعيه الى معاقبة منتهكي حقوق الانسان ، وخصوصا من لاحقوا ويلاحقون الصحافيين وأصحاب الرأي الآخر ليشكل -كما أرى – بداية توجه أميركي  ايجابي سيفرض وجوده خلال فترة حكمه، وربما يجد هذا التوجه دعما أوروبيا وفي الأمم المتحدة.

موقف بايدن (الحقوقي) يشكل أيضا  تطور لافتا ، اذ  جاء على لسان  رئيس أكبر دولة في العالم ، وهو ينتصر  لعشاق الحرية والعدالة والمدافعين عن حق الإنسان في حياة حرة وكريمة .

تبلور المؤشر المعلن لهذا التفكير  بصوت عال في أول مؤتمر صحافي  عقده بايدن  في الرابع من فبراير ٢٠٢١  لدى تدشينه السياسة الخارجية  الجديدة ،اذ قال (سندعم الديمقراطية وسنواجه الديكتاتورية).

لم يكن هذا التأكيد مستغربا ،لأنه طرح  في حملته لخوض انتخابات الرئاسة رؤى  جديدة شملت هذا الموقف، وكان قال  إنه سيدافع عن حقوق الإنسان،وهاهو يضع الصحافيين وأصحاب الرأي الآخر  (في العالم) في صدارة اهتماماته وأولوياته.

موقف بايدن في هذا الشأن جدير بالاحترام والتقدير  ،وهو يحمل رسالة مهمة  وساخنة الى

(كل ) منتهكي  حقوق الإنسان في العالم.

هذه الرسالة الساخنة  ينبغي أن لا يتوهم  أحد  أنها موجهة فقط  الى شخص   أو دولة معينة، إنها رسالة  عالمية.

أي  أن على حكام العالم ممن يكتمون أنفاس البشر  أن ينتظروا  صيفا ساخنا في حال استمرت سياسات واجراءات   قمع صحافيين  وناشطين وسياسيين أو مواطنين عاديين  .

هذا معناه أن رسالة بايدن  انطلقت لتلفت أنظار من انتهكوا حقوقنا  ولاحقونا وشردوا أسرنا وقتلوا او سجنوا زملاءنا أو منعوهم من الكتابة.

الرسالة – كما  أرى- تؤكد لجميع الحكومات أن هناك رئيسا  ومجتمعا دوليا(حقوقيا)  سيتشكل بقوة  أكبر من أي وقت مضى  في ظل رئاسة بايدن .

المجتمع الدولي (الحقوقي) الذي يشكل بايدن ملامحه وأساليبه مع  دول أوربية   (تنفست الصعداء بفوز بايدن وسقوط ترمب) سيلاحق  من  تخصصوا في القمع وكتم الانفاس.

سيلاحق بايدن وبعض حلفائه الغربيين   مرتكبي  جرائم   منع  وخنق الرأي  وحرية  الصحافة والتعبير  ، أيا كانت  مواقعهم (مدنيين أو عسكريين) ،اذ أن (كشفهم)  للرأي العام الدولي يمثل بداية مرحلة العقاب .

رسالة بايدن الداعمة لحرية الكلمة  تعني   أيضا أنه  يسعى الى  توفير حماية  ومظلة دولية للصحافيين ،وقد دعوت الى ذلك في تغريدة في   ٢٠ اكتوبر  ٢٠١٨    في تعليقي على اغتيال الزميل  جمال خاشقجي (صورة مرفقة للتغريدة).

هذا معناه  أننا  في بداية  مناخ دولي  يسعى الى وضع حد لعمليات الافلات من العقاب  والمساءلة للذين  انتهكوا  حقوق الانسان ويواصلون الانتهاكات بأساليب حربائية.

الصحافيون (من الجنسين) وأعني خصوصا   دعاة  حرية  الاعلام وحق الشعوب في الحرية   والعدالة والتمتع بحقوق الانسان  يقفون في صدارة قائمة  الرواد ويتصدرون أيضا مواكب المظلومين والمقموعين  في عدد من دول  الخليج والعالم العربي وغيرها من دول العالم  (المتخلفة سياسيا) عن مواكبة روح  العصر .

هؤلاء  دفعوا ويدفعون ثمن مواقفهم المهنية والوطنية، لكنهم رغم القمع انتصروا لأنفسهم وشعوبهم من خلال القبض على جمر المواقف المبدئية التي  ستنتصر اليوم أو غدا، فالعالم يتغير في كل ثانية ،ومساحات الحرية تتسع وستتمدد.

كتبت  مرات عدة واذكر أنني تحدثت  قبل سنوات عدة في برنامج  لاذاعة قطر  عن أهمية التطور الدستوري في الخليج ،وأشرت الى تجربتي الكويت وقطر.

رأيت  في مقالات  وفضائيات منذ وقوع الانقلاب العسكري في السودان في ٣٠ يونيو ١٩٨٩، الذي اطاحته  ثورة  شعب السودان السلمية الباهرة أن  لا مستقبل للديكتاتورية والظلم  في أي مكان  .

أكرر  أن المستقبل لشمس الحرية والديمقراطية والعدالة ومناخ التنفس الطبيعي ومشاركة الشعوب في صناعة حاضرها وغدها في أجواء  حقوق الإنسان .

من يطرق أبواب  الاصلاح الدستوري  الشامل  والحقيقي في أي بلد ويفتح مجالات المشاركة الشعبية في صناعة القرار خصوصا   في الخليج والعالمين العربي والإسلامي ، ويتيح للناس أن ينعموا بحقوقهم (الإنسانية) سيكسب اليوم وغدا وسيدخل أنصع صفحات التاريخ .

سيكسب من يفتح أبواب التطور الدستوري  والحريات الأساسية في أي بلد  احترام شعبه الذي سيحتضنه أكثر من أي وقت مضى ، وسيغلق ذلك دروب التدخل الخارجي ، لكن علينا أن  نستوعب ونستيقن بأن مسألة (حقوق الإنسان) باتت قضية دولية  مطروحة  بالحاح في أجندة دول كبرى  تحترم حقوق الإنسان  وفي أروقة  وأولويات الأمم  المتحدة ، وتحظى باحتضان عالمي  تزداد ايقاعاته  وضغوطه كل يوم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *