
لندن- محمد المكي أحمد:
موت مزيد من السودانيين والفلسطينيين بسبب الجوع وسوء التغذية..
هذا هو القاسم المشترك في تقريرين أصدرتهما الأمم المتحدة اليوم، 30 يوليو 2025 ، وعكسا بشاعة الأوضاع اللا إنسانية التي تواجه الشعبين في السودان وغزة.
بشأن السودان، أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) ارتفاع حصيلة الجوع والمرض والنزوح في أنحاء مختلفة من السودان، ونسبت المنظمة الدولية إلى مصادر محلية في ولاية شرق دارفور قولها إن مخيم نزوح لقاوة – الذي يستضيف أكثر من 7000 شخص – يواجه نقصا حادا في الغذاء.
وقال الأطباء إن الصراع هناك لا يزال يعيق وصول المساعدات، بما يحرم الأسر الضعيفة من الغذاء والرعاية الصحية.
سودانية تحتضن طفلها الذي يعاني من سوء التغذية في مستشفى بولاية النيل الأزرق(الأمم المتحدة)
في مدينة الفاشر المحاصرة، عاصمة ولاية شمال دارفور، قالت مصادر محلية للمنظمة الدولية أن الناس يموتون من الجوع وسوء التغذية، وقد أغلقت المطابخ التي تديرها المجتمعات المحلية أبوابها بسبب شح الغذاء، ولجأ بعض السكان إلى استهلاك علف الحيوانات ، وفقا لفرحان حق نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة.
وبشأن محلية طويلة بشمال دارفور، قال إن شركاء الأمم المتحدة في المجال الإنساني عززوا استجابتهم للكوليرا، ووسع الشركاء قدرات مراكز العلاج، لكن الاحتياجات لا تزال ملحة.
وأضاف أن الإمدادات الطبية آخذة في النفاد، مشددا على ضرورة زيادة إمدادات المياه النظيفة وبناء المراحيض وحملات التوعية على وجه السرعة.
اضرار الأمطار في كردفان وكسلا
وأفاد شركاء الأمم المتحدة بأن الأمطار الغزيرة في ولاية شمال كردفان شردت حوالي 550 شخصا وألحقت أضرارا أو دمرت أكثر من 170 منزلا في منطقة الرهد يوم الاثنين.
وجاء في التقرير أن الأمطار الغزيرة في ولاية كسلا بشرق السودان دمرت مخيم غرب المطار للعائلات النازحة، ما أثر على أكثر من 6000 شخص، وغمرت المياه العديد من الخيام، ما يعرض الأطفال للبرد والجوع والظروف غير الصحية.
و قال نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة إن العائلات النازحة تحتاج بشكل عاجل إلى مساعدات نقدية ومأوى وحماية، وخاصة النساء والأطفال الذين يواجهون مخاطر متزايدة أثناء جمع الحطب.
ضربات شمس قاتلة في بورتسودان
في بورتسودان ( العاصمة المؤقتة)، لا تزال الحرارة الشديدة تؤثر على الناس هناك، ووفق التقارير، توفي ثلاثة أشخاص على الأقل هذا الأسبوع وأصيب أكثر من 50 بضربة شمس بسبب الحرارة الشديدة وانقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة.
وقالت الأمم المتحدة أنه مع وصول درجة الحرارة إلى 47 درجة مئوية والأعباء التي تواجه المستشفيات، يدعو العاملون في مجال الصحة إلى توفير دعم عاجل، بما في ذلك معدات التبريد والإمدادات الطبية والكوادر الطبية.
وقال فرحان حق إن هذه الأزمات المتتالية تتطلب توفير مزيد من الدعم الدولي. وأشار إلى أن خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2025، التي تسعى لجمع 4.2 مليار دولار لمساعدة 21 مليون شخص من الأكثر ضعفا في جميع أنحاء السودان، لم تتلق سوى 23٪ فقط من إجمالي المبلغ المطلوب.
ودعا مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية الجهات المانحة مجددا إلى زيادة تمويل الاستجابة.
أوضاع كارثية في غزة
طفل فلسطيني يعاني من سوء التغذية ( الأمم المتحدة)
وعن الوضع في غزة، أكد تقرير الأمم المتحدة تدهور الأوضاع الكارثية، ودعت المنظمة الدولية إلى إدخال فيض من المساعدات.
وحذرت وكالات الأمم المتحدة من استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة في ظل انتشار الجوع وسوء التغذية والشح الحاد في الإمدادات الأساسية، وجددت دعوتها إلى إدخال فيض من المساعدات إلى القطاع، فيما تعمل فرقها بلا هوادة لإيصال المساعدات إلى السكان الجوعى والمنهكين.
دعوة أممية لتوسيع نطاق المساعدات
وأوضحت الأمم المتحدة أنها مع شركائها مستمرة في تنسيق التحركات الإنسانية داخل غزة مع السلطات الإسرائيلية. وبالأمس، أتاحت ثلاث بعثات ميسرة لعاملي الإغاثة جمع شحنات غذائية من معبري كرم أبو سالم وزيكيم، كما سمحت بنقل الوقود داخل القطاع إلا أن البعثات الأخرى واجهت عوائق، أبرزها التأخر في الحصول على موافقة التحرك من السلطات الإسرائيلية، مما أدى إلى إلغاء إحداها.
وجدد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية الدعوة لتوسيع نطاق إيصال المساعدات بطريقة تلبي الاحتياجات الهائلة للناس، وشدد على ضرورة فتح جميع المعابر، والسماح بدخول مجموعة واسعة من الإمدادات – الإنسانية والتجارية – وتأمين وتسهيل تحركات المساعدات داخل غزة في الوقت المناسب، والسماح للعاملين في المجال الإنساني بالقيام بعملهم.
أزمة الوقود
وبشأن مشكلة الوقود، ذكر مكتب أوتشا أن الأمم المتحدة أدخلت الأسبوع الماضي كميات محدودة من الوقود عبر معبري كرم أبو سالم وزيكيم، تم نقل ما يقرب من نصفها إلى الشمال لدعم الاحتياجات الحيوية للصحة والطوارئ والمياه والاتصالات.
وقال المكتب الأممي مجددا أن كميات الوقود الحالية غير كافية لتلبية الاحتياجات الحيوية المنقذة للحياة وتمثل قطرة في محيط الاحتياجات.
وجدد مكتب أوتشا الدعوة إلى أن وقف إطلاق النار الدائم مطلوب أكثر من أي وقت مضى وقال إن “التوقفات التكتيكية الأحادية وحدها لا تسمح بالتدفق المستمر للإمدادات اللازمة لتلبية مستويات الاحتياجات الهائلة في غزة”.
ضحايا يسقطون بحثا عن مساعدات
أشار مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إلى أنه بعد أربعة أيام من بدء التوقفات التكتيكية التي أعلنتها السلطات الإسرائيلية في غزة، ما زلنا نشهد سقوط ضحايا بين الباحثين عن المساعدة ومزيدا من الوفيات بسبب الجوع وسوء التغذية.
وأضاف المكتب الأممي أن الآباء والأمهات يواصلون الكفاح لإنقاذ أطفالهم الجوعى، ويواصل اليائسون والجوعى تفريغ كميات صغيرة من المساعدات من الشاحنات التي تتمكن من الخروج من المعابر، وسلط مكتب أوتشا الضوء على أوضاع العاملين في الخطوط الأمامية الذين يعانون من الإرهاق ونقص الغذاء.
وجاء في التقرير الدولي أنه على الرغم من أن الأمم المتحدة وشركاءها يستغلون أي فرصة لدعم المحتاجين خلال التوقفات التكتيكية الأحادية، إلا أن ظروف إيصال المساعدات والإمدادات بعيدة كل البعد عن أن تكون كافية، وفقا لمكتب أوتشا.
“من الصعب تصديق ما تراه عيناك“
ووصف ريكاردو بيريز، مدير التواصل في منظمة اليونيسف الوضع في غزة بأنه “مروع للغاية”، مشيرا إلى أنه “من الصعب تصديق ما تراه عيناك بالفعل. ومع ذلك، فهو حقيقة قائمة”.
وكان ريكاردو بيريز يتحدث لـ”أخبار الأمم المتحدة” عقب زيارة إلى غزة هذا الأسبوع، حيث سلط الضوء على الوضع في القطاع والذي قال إنه يتسم بالحرمان واليأس.
وقال: “نحن في الواقع على شفا جفاف من صنع الإنسان، حيث لا يتوفر سوى حوالي 40% من إنتاج المياه في غزة وهو أقل بكثير من عتبة الطوارئ في أي جزء من العالم”.
و عن نقص الوقود، قال إن المدنيين يحرقون البلاستيك والإطارات وإن الكثير من هؤلاء المدنيين هم أطفال، “لذا فهم يستنشقون دخانا أسود سيسبب لهم بالتأكيد مشاكل صحية خطيرة في مستقبل ليس ببعيد”.
وأضاف: “الأطفال يرون أشياء لا ينبغي لأي طفل أن يراها على الإطلاق، وهم يعانون أكثر من أي شخص آخر”.
أزمة المياه
وحذرت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا) من أن الحصول على مياه نظيفة في غزة لا يزال يشكل تحديا يوميا، مشيرة إلى أن الأطفال يقفون في طوابير طويلة تحت الشمس الحارقة. وقالت إن “الأزمة تتفاقم، والعالم يواصل المشاهدة بصمت”.
وأفاد مدير منظمة الصحة العالمية الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس أن عشر شاحنات تابعة للمنظمة تحركت من العريش في مصر إلى معبر كرم أبو سالم لدخول قطاع غزة.
وأوضح في منشور على موقع إكس إن الشاحنات تحمل أدوية أساسية، ومستلزمات مختبرات، ومواد لاختبار المياه. ومن المتوقع وصول شاحنتين إضافيتين يوم غد الخميس( 31 يوليو 2025) تحملان مستلزمات طبية، بالإضافة إلى 12 منصة نقالة من منتجات الدم.
وأوضح أن جميع إمدادات منظمة الصحة العالمية ستُنقل بعد ذلك إلى غزة، إلى جانب 3 شاحنات تحمل مستلزمات طبية من شركاء صحيين.
ورأى الدكتور تيدروس أن الاحتياجات الصحية في غزة هائلة، وإن التدفق المستمر للمستلزمات الطبية يعتبر أمرا بالغ الأهمية، وأكد أن المنظمة تواصل دعوتها لضمان وصول المساعدات الطبية بشكل مستدام وآمن ودون عوائق إلى غزة وعبرها، وتدعو إلى وقف إطلاق النار.
واختتم منشوره بقوله إن “السلام هو أفضل دواء”.