السودانمقالات

الطيب زين العابدين.. رحل مرتاح الضمير.. وقدم درسا لـ(المتعصبين)

محمد المكي أحمد:

البروفيسور الطيب زين العابدين الذي انتقل الى رحمة الله   (١٤ مايو ٢٠٢٠) تمييز بصفات عدة ، اذ كان مفكرا وإنسانا عصريا في تعامله مع الآخر (المختلف).

في وداعه اركز على صفة أرى أنها الأهم ،وتميز أي إنسان في مجتمعه،وهي أن يكون للمرء مباديء أخلاقية ، وقيم ، يقترن فيها  قوله وفعله .

كان الراحل رجل مباديء أخلاقية بكل ما تعنيه الكلمة من دلالات،  وكان شخصية محددة المعالم، اذ اتخذ موقفا منذ زمان قديم ضد جماعته (الانقلابيين) ،والسبب انه كان يتمتع بأساس أخلاقي  وقاعدة ثابتة تنطلق منهما أفكاره ورؤاه .

من تابع كتابات الطيب وتعليقاته في الفضائيات والإذاعات يلمس ان الراحل انحاز الى ضميره،والى حقوق شعبه السوداني ضد القمع والقهر والظلم.

لم يتردد في توجيه النقد الشديد الى ممارسات سلبية سادت خلال ثلاثين عاما من عمر نظام بائد رفع شعارات إسلامية لدغدغة المشاعر،ومارس أبشع أساليب الاعتداء على حريات الناس وحقوقهم، وفتح أوسع أبواب السطو على موارد  الشعب وممتلكاته.

في رأيي أن الإنسان (موقف) واعني الموقف الأخلاقي الذي يستند الى قيم  تحترم حقوق الإنسان ، وتشيع الحريات، ولا تلجأ للانقلابات لكبت الآخرين، أو تجاري الظالمين، الطاغين ،ولا تهادنهم،أو تسكت عن فضح جرائمهم لأي سبب من الأسباب، ولا تمارس الانتهازية حينًا بالسباحة مع التيار لتحقيق مصالح.

قناعتي الراسخة  أن من حق أي إنسان أن يختار لنفسه فلسفة سياسية ، واحترم حق الإنسان في أن يكون وفقا للتصنيفات المعروفة(ليبراليا أو إسلاميا أو شيوعيا  أو قوميا)  أو خارج هذه التصنيفات (إلخ).

لكن المحك  هنا يكمن في أهمية  وضرورة احترام أصحاب  التوجهات لحقوق الإنسان، ومدى اقتران أقوالهم بأفعالهم، وممارستهم للديمقراطية و احترامهم لحق الآخرين في

التفكير .

أعتقد بأن من يكون منسجمًا مع قيم الحرية والعدالة ،يعيش مرتاح الضمير حتى لو طاردته جيوش المستبدين،و هذا النوع من البشر يرحل عن دنيانا الفانية مرتاح الضمير.

الطيب زين العابدين  رحل مرتاح الضمير،  وقدم درسا رائعا  يعلي قيم الوطن والحرية  على  الانتماء الحزبي (الضيق) .

هذا  درس مهم يحتاج  الى أن يقرأه بعناية  (المتعصبون)  وهم موجودون في كل (الاتجاهات)،لأنهم لا يرون الا أنفسهم..

الطيب كان يرى السودان أولًا…

نسأل الله أن يرحمه رحمة واسعة، والتعازي لأسرته وأهله وأحبابه.

(إنا لله وإنا اليه راجعون)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *