
لندن- محمد المكي أحمد:
في أول شراكة من نوعها، نجحت السعودية وفرنسا في عقد أول مؤتمر دولي يهدف لتسوية سلمية للقضية الفلسطينية ، وتنفيذ حل الدولتين ( دولة فلسطين ودولة إسرائيل) ، وشارك في هذا المحفل الدولي الذي بدأ أعماله في مقر الأمم المتحدة، في 28 يوليو 2025 ممثلو عدد من دول العالم، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، و قاطعت جلساته الولايات المتحدة وإسرائيل، كما أصدرت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية تامي بروس بيانا نددت فيه بشدة بالمؤتمر .
وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، الذي ترأس جلسات المؤتمر بالشراكة مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو ، إن المؤتمر يشكّل محطة مفصلية نحو تفعيل حل الدولتين، وإنهاء الاحتلال، وتجسيد رؤية عادلة ومستدامة للسلام في الشرق الأوسط.
تنويه سعودي بموقف ماكرون
ونوه وزير الخارجية السعودي بعزم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاعتراف بدولة فلسطين، ورأى أن الإعلان الفرنسي هو خطوة تاريخية تعكس تنامي الدعم الدولي لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، وتسهم في تهيئة الأجواء الدولية لتجسيد حل الدولتين.
وبشأن الموقف السعودي ، شدد على أن السعودية تؤمن بأن تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار لجميع شعوب المنطقة يبدأ من إنصاف الشعب الفلسطيني، وتمكينه من نيل حقوقه المشروعة، وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة على حدودِ عام 1967م، وعاصمتها القدس الشرقية، وأن هذا ليس مجرد موقف سياسي، بل قناعة راسخة بأنّ الدولة الفلسطينية المستقلة هي مفتاح السلام الحقيقي في المنطقة.
الكارثة في غزة
وأكدت السعودية في كلمتها في المؤتمر التي بثتها وكالة الأنباء السعودية أن الكارثة الإنسانية ( في غزة) بسبب الحرب والانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة ينبغي أن تتوقف فورًا لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، ومحاسبة المسؤولين عنها، وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب، بما ينسجم مع قواعد القانون الدولي الإنساني.
وجدد وزير الخارجية السعودي موقف بلاده بشأن مبادرة السلام العربية ، وقال إننا نرى أنها أساس جامع لأي حل عادل وشامل، ونؤكد في هذا المقام أهمية دعم التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين، كإطار عملي لمتابعة مخرجات هذا المؤتمر، وتنسيق الجهود الدولية نحو تنفيذ خطوات واضحة ومحددة زمنيًا لإنهاء الاحتلال وتجسيد الدولة الفلسطينية”.
وحض وزير الخارجية السعودي الدول التي حضرت الاجتماع على الانضمام إلى الوثيقة الختامية للمؤتمر، وقال إنها تشكل خارطة طريق مشتركة نحو تنفيذ حل الدولتين، ومواجهة محاولات تقويضه، وحماية فرص السلام التي لا تزال ممكنة، إن توافرت الإرادة.
وقالت سي إن إن CNN إن وزير الخارجية السعودي أكد موقف الرياض القاضي بتطبيع العلاقات مع إسرائيل فقط بعد قيام الدولة الفلسطينية.
حل الدولتين ” واقعي وعادل ومستدام”
وشدد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش على أن إنكار هذا الحق ( حق اقامة الدولة الفلسطينية ) “سيكون هدية للمتطرفين في كل مكان”، وأكد أن حل الدولتين هو الحل الواقعي، العادل، والمستدام الوحيد.
ودعا إلى “الوقف الفوري للعنف ولأنشطة الضم والاستيطان، كما دعت إليه محكمة العدل الدولية. ورفض التهجير القسري للسكان الفلسطينيين من أي جزء من الأرض الفلسطينية المحتلة، و رفض أي شكل من أشكال التطهير العرقي وضمان المساءلة الكاملة عن أي جرائم فظيعة وانتهاكات أخرى للقانون الدولي و استعادة حوار سياسي ذي مصداقية. وإعادة تأكيد الحقوق المتساوية والكرامة لكلا الشعبين( الفلسطيني والإسرائيلي).
وأكد أنطونيو غوتيريش أن كل هذا يتطلب شجاعة من القادة على الأرض، وشجاعة من المجتمع الدولي للتحرك بمبدأ ومثابرة. بدءا من غزة.
أميركا: مؤتمر حل الدولتين ” حيلة دعائية “
ونددت الولايات المتحدة بمؤتمر حل الدولتين، في بيان تلقيت نسخة منه ، ووصفت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية تامي بروس ، المؤتمر ، بأنه” غير مثمر و( يعقد) في توقيت غير مناسب بشأن حل الدولتين” وأعتبرته ” مجرد حيلة دعائية تأتي في خضم جهود دبلوماسية حساسة لإنهاء الصراع، فبدلا من تعزيز السلام، سوف يؤدي المؤتمر إلى إطالة أمد الحرب وتشجيع حماس ومكافأة قيامها بعرقلة المساعي، وتقويض الجهود الحقيقية لتحقيق السلام”.
وأضافت الناطقة الأميركية أن “وزير الخارجية روبيو، أوضح أن هذه الجهود هي صفعة على وجه ضحايا 7 أكتوبر ومكافأة للإرهاب، وهي تُبقي الرهائن (الإسرائيلين) حبيسي الأنفاق.”.
وقالت إن ” الولايات المتحدة لن تشارك في هذه الإهانة ( في مؤتمر حل الدولتين )، بل ستواصل قيادة الجهود الحقيقية لإنهاء القتال وتحقيق سلام دائم، ويظل تركيزنا منصبًا على الدبلوماسية الجادة، وليس على المؤتمرات المعدة سلفًا التي تهدف فقط إلى التظاهر بالأهمية”.
ورأت واشنطن في بيانها أن ” إعلان الرئيس ماكرون بشأن الاعتراف بدولة فلسطينية، قد قوبل بالترحيب من قبل حركة حماس، وهذا يعكس نمطًا من المبادرات السلبية غير المثمرة التي لا تؤدي إلا إلى تعزيز جرأة حماس، وتشجيعها على عرقلة وقف إطلاق النار، وتقويض جهودنا الدبلوماسية الرامية إلى إنهاء المعاناة في غزة، وتحرير الرهائن، ودفع منطقة الشرق الأوسط بأكملها نحو مستقبل أكثر إشراقًا وازدهارًا.”
يُشار إلى أن فرنسا شددت في المؤتمر على حل الدوليتن، ووفقا لما أعلنه الرئيس ماكرون فان باريس ستعلن في سبتمبر المقبل اعترافها بالدولة الفلسطينية، وكان الرئيس ترمب استخف بهذا الإعلان، وانتقده.
ونسبت سي إن إن CNN لوزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو في مؤتمر صحافي تأكيده مجددا عزم فرنسا على الاعتراف رسميًا بالدولة الفلسطينية في سبتمبر( 2025).
وأضاف “لم نعد قادرين على الانتظار أكثر ، هذا الحل، الذي ذكرته ، هو الحل الوحيد الممكن لضمان السلام والأمن للإسرائيليين والفلسطينيين والمنطقة بأسرها، وما وراءها، في البحر الأبيض المتوسط والعالم، إلى حد ما”.
ترمب وستارمر: إجراءات عاجلة لانهاء معاناة غزة
وبشأن الوضع في غزة ، أعلنت لندن أن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر اتفق مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في اجتماعمها، في اسكتنلندا ، 28 يوليو 2025 ،على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لإنهاء المعاناة في غزة.
وجاء في بيان، تلقيت نسخة منه ، أن الزعيمين بحثا المشاهد المروعة في غزة، واتفقا على اتخاذ إجراءات عاجلة لإنهاء المعاناة ورأى الجانبان أنها “وصلت إلى مستويات غير مسبوقة”.
ووفقا لرويترز،جدد ترمب وستارمر دعوتهما لوقف إطلاق نار فوري لتمهيد الطريق للسلام في المنطقة.
وشدد الجانبان على السماح بدخول المساعدات الإنسانية على نطاق واسع وبسرعة، كما أعلن ترمب وستارمر التزامهما بالعمل معا لإنهاء البؤس والجوع، ومواصلة الضغط من أجل الإفراج الفوري عن الرهائن المتبقين.
.