
لندن – ( إطلالة)
للمرة الأولى، منذ أن بدأ ت أميركا والسعودية ومصر والإمارات تنسيق مواقفها بشأن السودان، برز عنصران جديدان ، أولهما أن (الدول الأربع) حددت برنامجا زمنيا للتسوية في السودان، وفتحت ملف مَن وصفتهم بـ “جماعات متطرفة عنيفة مرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين ” .
هدنة وانتقال سياسي
وفي شأن التطور الأول، الذي حدد فترة زمنية لانتقال سياسي اقترح وزراء خارجية (الدول الأربع) ، في بيان مشترك أصدروه اليوم ، هدنة إنسانية أولية مدتها ثلاثة أشهر، تمهيدا لوقف إطلاق نار دائم.
وتهدف الهدنة الإنسانية وفقا لبيان وزراء الخارجية إلى تمكين وصول المساعدات الإنسانية سريعاً كي يتبعها وقف دائم لإطلاق النار.
ودعا الوزراء، بعد مشاورات بدعوة أميركية، جميع الأطراف إلى تسهيل وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن وسريع عبر جميع الطرق، وحماية المدنيين ووقف الهجمات العشوائية على البنية التحتية.
ورأوا أن يعقب الهدنة إطلاق عملية انتقالية شاملة خلال 9 أشهر، تؤدي إلى حكومة مدنية مستقلة ،وذات شرعية واسعة.
ملف “جماعات متطرفة”
وفتحت( الدول الأربع) ملف ” جماعات متطرفة”، وهو ملف أثارت قضيته ، للمرة الأولى، في بياناتها بشكل شديد الوضوح، إذ قال وزراء خارجية أميركا والسعودية ومصر والإمارات إن مستقبل السودان لا تحدده “جماعات متطرفة عنيفة مرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين”، وأطلقوا تحذيرا من دورها في إذكاء العنف وعدم الاستقرار في المنطقة.
وشددت الدول الأربع على أهمية مواجهة تهديدات الجماعات المتشددة العابرة للحدود، وحماية أمن البحر الأحمر.
صراع الجيش والدعم السريع
وقال وزراء الخارجية إن الصراع في السودان بين الجيش و”قوات الدعم السريع” أدى إلى “أسوأ أزمة إنسانية في العالم”، ويهدد السلام والأمن الإقليميين، وأكدوا أنه لا يوجد حل عسكري للأزمة.
تسوية سياسية
وفي موقف لافت، أعلنت أميركا والسعودية ومصر والإمارات تعهدا بأن تستخدم كل الجهود لدعم تسوية سياسية بمشاركة القوات المسلحة السودانية و”قوات الدعم السريع”، والضغط على الأطراف لحماية المدنيين والبنية التحتية، وتأمين وصول المساعدات الإنسانية.
وحذر وزراء الخارجية من أن استمرار الوضع الراهن يفاقم المعاناة ويزيد المخاطر على الاستقرار الإقليمي، وشددوا على أن مستقبل السودان يجب أن يقرره السودانيون عبر عملية انتقالية شاملة وشفافة، لا تخضع لسيطرة أي طرف مسلح.
وقف الدعم العسكري
وبشأن الدعم العسكري، شددوا على ضرورة وقف كل أشكال الدعم العسكري الخارجي للأطراف السودانية المتحاربة، واعتبروه عاملاً رئيسياً في إطالة أمد الحرب وزعزعة استقرار المنطقة.
كما أكدوا التزامهم بالعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لدفع عملية تسوية سلمية، عبر”مفاوضات جدة” التي تقودها السعودية والولايات المتحدة، ومؤتمر القوى المدنية والسياسية السودانية الذي ترعاه مصر.
وأعلنت الدول الأربع أن وزراء خارجيتها سيواصلون مشاوراتهم في اجتماع سيعقد في وقت لاحق هذا الشهر ( سبتمبر الجاري)..
عقوبات أميركية على ” أطراف إسلامية”
وذكرت صحيفة “الشرق الأوسط اللندنية” أن رفض بيان (الدول الأربع) أي دور لجماعة “الإخوان المسلمين” أو الجماعات المرتبطة بها في السودان، يُعد إشارة واضحة إلى “الإسلاميين” الذين حكموا البلاد ثلاثة عقود حتى 2019، والذين عادوا للمشهد السياسي خلال الحرب ( الحالية) لدعم الجيش.
وأضافت :لهذا السبب، فرضت الولايات المتحدة، يوم الجمعة،12 سبتمبر الجاري عقوبات على ما وصفتها بـ”أطراف إسلامية” سودانية لدورها في إذكاء عدم الاستقرار الإقليمي ودعم إيران.
وأعلن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بوزارة الخزانة الأميركية، في بيان، أن العقوبات شملت وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم، وهو إسلامي، وكذلك “كتيبة البراء بن مالك”، وهي جماعة إسلامية تقاتل إلى جانب الجيش، لتورطهما في الحرب وارتباطاتهما بإيران.
وأضافت وزارة الخزانة أن وزير المالية السوداني تعاون مع الحكومة الإيرانية لتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية، وزار طهران في نوفمبر الماضي. و أن أحدث جولة من العقوبات “تهدف إلى الحد من النفوذ الإسلامي داخل السودان وكبح أنشطة إيران الإقليمية”.
(نص بيان الدول الأربع)
بناءً على دعوة من الولايات المتحدة الأمريكية، أجرى وزراء خارجية كل من المملكة العربية السعودية، وجمهورية مصر العربية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية، مشاورات مكثفة بشأن الصراع في السودان، مشيرين إلى أنه تسبب في أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وأنه يشكل مخاطر جسيمة على السلم والأمن الإقليميين.
وقد التزم الوزراء بمجموعة من المبادئ المشتركة لإنهاء الصراع في السودان:
أولًا: سيادة السودان ووحدته وسلامة أراضيه ضرورية للسلام والاستقرار.
ثانيًا: لا يوجد حل عسكري مجدٍ للصراع، واستمرار الوضع الراهن يُسبب معاناةً غير مقبولة ومخاطر على السلم والأمن.
ثالثًا: يجب على جميع أطراف النزاع تسهيل الوصول السريع والآمن للمساعدات الإنسانية دون عوائق إلى جميع أنحاء السودان، ومن خلال جميع الطرق اللازمة، وحماية المدنيين وفقًا للقانون الدولي الإنساني، والتزاماتهم بموجب إعلان جدة، والامتناع عن الهجمات الجوية والبرية العشوائية على البنية التحتية المدنية.
رابعًا: إن مستقبل حكم السودان يقرره الشعب السوداني من خلال عملية انتقالية شاملة تتسم بالشفافية، ولا يخضع لسيطرة أي طرف متحارب, ودعا الوزراء إلى هدنة إنسانية، لثلاثة أشهر بصفة أولية، لتمكين الدخول السريع للمساعدات الإنسانية إلى جميع أنحاء السودان، بما يؤدي بشكل فوري إلى وقف دائم لإطلاق النار، ثم يتم إطلاق عملية انتقالية شاملة تتسم بالشفافية وإبرامها في غضون تسعة أشهر لتلبية تطلعات الشعب السوداني نحو إقامة حكومة مستقلة بسلاسة بقيادة مدنية تتمتع بشرعية ومسؤولية واسعة النطاق، وهو أمر حيوي لاستقرار السودان على المدى الطويل والحفاظ على مؤسسات الدولة فيه,
إن مستقبل السودان لا يمكن أن تُمليه الجماعات المتطرفة العنيفة التي تنتمي أو ترتبط بشكل موثق بجماعة الإخوان المسلمين، التي أدى نفوذها المزعزع للاستقرار إلى تأجيج العنف وعدم الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة.
واتفق الوزراء على متابعة تنفيذ هذه الجداول الزمنية عن كثب، وأكدوا استعدادهم لبذل مساعيهم الحميدة، والقيام بكافة الجهود اللازمة لضمان التنفيذ الكامل من قبل الأطراف، بما في ذلك عقد اجتماعات اخرى لبحث الخطوات المقبلة.
خامسًا: إن الدعم العسكري الخارجي لأطراف النزاع في السودان يؤدي إلى زيادة حدة النزاع وإطالة أمده والإسهام في عدم الاستقرار الإقليمي, وبناءً على ذلك، فإن إنهاء الدعم العسكري الخارجي هو ضرورة لإنهاء النزاع.
كما عبر الوزراء في إطار مشاركتهم في دعم التوصل إلى حل سلمي في السودان عن الالتزامات التالية:
– بذل كافة الجهود لدعم التوصل إلى تسوية تفاوضية للنزاع بمشاركة فعالة من جانب القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع.
– الضغط على جميع أطراف النزاع لحماية المدنيين، والبنية التحتية المدنية، ولضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين.
– تهيئة الظروف التي تضمن أمن منطقة البحر الأحمر على نطاق أوسع.
– التصدي للتهديدات الأمنية العابرة للحدود من المنظمات الإرهابية والمتطرفة، والظروف التي تسمح لها بالانتشار.
– عدم منح المجال للأطراف الإقليمية والمحلية المزعزعة للاستقرار الساعية للاستفادة من استمرار النزاع في السودان.
وأكّد الوزراء التزامهم باستعادة السلام وإنهاء معاناة الشعب السوداني، واستعدادهم للتعاون مع الدول والمؤسسات الأفريقية، والعربية، والأمم المتحدة، والشركاء الدوليين، لتحقيق هذه الغايات.
كما ناقش الوزراء الاحتياجات الإنسانية الملحة، ومتطلبات التعافي المبكر، وشددوا على ضرورة مواصلة حثّ المجتمع الدولي لمعالجة هذه المتطلبات والبناء على الاجتماعات الإنسانية الأخيرة.
كما أكّد الوزراء عزمهم على مواصلة المناقشات والمشاورات والاجتماعات على المستويين الوزاري وما دون الوزاري لتعزيز جهودهم المنسقة لدعم إنهاء النزاع في السودان، بما في ذلك دعم إقامة وتنفيذ انتقال شامل وشفاف.
وتحقيقًا لهذه الغاية، أعرب الوزراء عن دعمهم للجهود التي تبذلها المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية من خلال عملية جدة لتحقيق وقف دائم لإطلاق النار في السودان، وكذلك للجهود التي تبذلها مصر فيما يتعلق بملتقى القوى المدنية والسياسية السودانية الذي عُقدت جولته الأولى في القاهرة خلال شهر يوليو 2024. واتفق الوزراء على مواصلة مشاوراتهم في هذا الصدد خلال الاجتماع الرباعي الوزاري في سبتمبر 2025.