يصادف اليوم تاريخ إستقالة رئيس وزراء حكومتي الفترة الانتقالية دكتور عبد الله حمدوك في 2 يناير 2022 ، بعدما أشهر قليلة أعقبت توافقه مع قادة عسكريين في صدارتهم الفريق عبد الفتاح البرهان قائد الجيش ، والفريق محمد حمدان دقلو قائد قوات ( الدعم السريع) حيث جرت الاطاحة بحكومته المدنية، بانقلاب في 25 اكتوبر 2021، فنسفوا ( شراكة) حكم مع قوى مدنية ، وزجوا بقادة سياسيين ومهنيين وشبابا في المعتقلات، في أعقاب ثورة شعبية سليمة، أطاحت نظاما قمعيا، فابهرت العالم، بمشاركة الشباب، وفي صدارتهم حواء السودانية.
تباينت الرؤى بشأن استقالة حمدوك ، فهناك من أزعجته الاستقالة، لكنني بعد ساعات قليلة من إعلانها كتبت في يوم الاستقالة تحليلا سريعا تضمن رأيي في هذا الشأن ، ووصفت الاستقالة بانها خطوة ايجابية.
تحليلي تضمن تنبيها هو أقرب إلى التحذير، إذ دعوت إلى “ضرورة توحيد خطي قوى الثورة والتغيير” وهذا لم يحدث رغم الانقلاب والمؤامرة ضد ثورة الشعب، والسبب الأول يكمن في (الأنا) كما أشرت في التحليل.
هنا نص ما كتبته في 2 يناير 2022، وأنشره للتوثيق، وللتاريخ، ولمخاطبة الذاكرة ، ربما يساهم ذلك في إعادة قراءة مسارات بعض الأحداث منذ الانقلاب على الحكومة المدنية الانتقالية،حتى اندلاع الحرب في 15 ابريل 2023، بمشاركة أطراف عدة، وبأجندة متباينة، عنوانها وقاسمها المشترك الأهم هو الركض بأي ثمن، وفوق الجماجم وشلال الدم وراء “كرسي الحكم” الساخن .
ايجابيات استقالة حمدوك
تثير استقالة رئيس الحكومة الانتقالية (الأولى و(الثانية) دكتور عبد الله حمدوك ،اليوم ٢ يناير ٢٠٢٢، أسئلة عدة، عن أسبابها.
هل استقال بسبب عدم التوافق بين مكونات الفترة الانتقالية، عسكرية ومدنية ،أم تحت ضغط قوى الشارع التي رفضت اتفاقه في ٢١ نوفمبر ٢٠٢١ مع قادة انقلاب ٢٥ أكتوبر من العام نفسه ؟.
بمعنى آخر هل توصل إلى أن حساباته وتقديراته كانت خاطئة بشأن اتفاقه مع البرهان ،وهي التي أجبرته على تقديم استقالته إلى الشعب (برد الأمانة ) وهو الذي اختارته (قوى الحرية والتغيير) لرئاسة حكومة الثورة، التي أطاحت الرئيس المعزول بارادة الشعب عمر البشير ،بعد ثورة شعبية في ديسمبر ٢٠١٨؟.
من الأسئلة المهمة في هذا السياق هل شكل إفشال الانقلابيين أهم مبرر طرحه حمدوك لتوقيع اتفاقه مع البرهان سببا من أسباب الاستقالة ، اذ قال أنه يسعى إلى حقن دماء السودانيين، لكن لم تتوقف شلالات الدم في كل التظاهرات السلمية حتى اليوم ؟.
واذا كانت القوى السياسية التي كانت تشكل (حاضنة سياسية) لحمدوك وشاركت معه في الحكم قد دانت اتفاقه مع البرهان ورفضت التعاون معه في إطار ما رأت أنه (شرعنة للانقلاب) فهل هذه القوى هي المسؤولة وحدها عن الأزمة الكبرى الحالية في السودان، أم أن الانقلاب هو مفجر هذه الأزمة غير المسبوقة منذ نجاح الثورة الشعبية السلمية في العام ٢٠١٩، وهذا ما أراه؟
لن أخوض في تفاصيل خطاب الاستقالة ، لكنني الفت إلى ما أراه أهم حقيقة تضمنها ، وجاءت في وصفه ما جرى في ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١ بأنه (إنقلاب) وفي هذا الوصف ما يستحق تأمل دلالاته.
أرى أن إنقلاب البرهان – حميدتي ،واتفاق البرهان – حمدوك الثنائي بعيدا عن (حاضنته السياسية) وضغط الشوارع التي ترفع أعلام (الحكم المدني) وفشل حمدوك في وقف القتل والممارسات القمعية للانقلابيين في مواجهة المتظاهرين السلميين، وضغوط دولية على النظام الانقلابي في هذا الشأن ،من أهم أسباب الاستقالة.
أعتقد بأن الاستقالة مهمة، للسودان ولحمدوك، ولثورة الشباب .
وفيما تعبر الاستقالة عن ثقافة مفقودة لدى قيادات عسكرية وسياسية وغيرها فان من ايجابيات الاستقالة على سبيل المثال أنها ستبعد رئيس الحكومة المستقيل عن دائرة تحمل مسؤولية خطايا إضافية يرتكبها الانقلابيون، وكنت انتقدت بعض سياساته ومواقفه في مقالات ، ووصفته في الوقت نفسه مرات عدة بالرصين والمحترم .
الاستقالة تعني أيضا أن الرجل منسجم مع قناعاته وقرأ مجريات الأحداث ، ما يؤكد عدم قدرته على العمل في هذا المناخ المسموم والمشحون بالخطايا .
خطايا الانقلابيين تكمن حاليا في قتل المتظاهرين السلميين ، وسوء إدارة دولاب الحكم ،اذ يسيطر الانقلابيون على القرار، وسعوا إلى اكتساب الشرعية عبر حمدوك ، مع تخطيط لتحميله مسؤوليات أي اخفاق حكومي رغم سيطرتهم على القرار.
نعيد للأذهان رد البرهان على حمدوك حينما تجرأ رئيس الحكومة المستقيل وقال ان موارد الحكومة الاقتصادية ٢٠ بالمئة وان نحو ٨٠ بالمئة تسيطر عليها مؤسسات عسكرية، حيث رأى البرهان في رده آنذاك في خطاب أن حمدوك بهذا الكلام يخفي فشل حكومته.
استقالة حمدوك ، تتعدد أسبابها، لكنها مهمة في رأيي ،اذ سيجد الانقلابيون أنفسهم أمام ورطة كبيرة ومآزق لا حصر لها ، وبينها تحديات الشوارع الثائرة والتي ستثور أكثر من أي وقت مضى ،كما أن غياب حمدوك المقبول دوليا سيضع الانقلابيين وللأسف السودان وشعبه أمام تحديات حصار خانق اذا استمرت الأوضاع الراهنة.
هذا يعني أن أمام البرهان – حميدتي. والمجموعة الانقلابية خياران لا ثالث لهما.
الخيار الأول إما التراجع عن الانقلاب في سبيل فتح فرصة لمعالجة الأزمة المستفحلة بعد انقلابهم المشؤوم الذي لا يحترم إرادة الشعب السوداني وخياراته في الحرية والديمقراطية والحكم المدني ،أو مواصلة التعنت و ضرب الرؤس على الحائط ،ما يعني اختيار طريق القمع والقهر والانتحار ، والسقوط اذا واصلوا السير على هذا الخط المدمر للسودان وشعبه وتطلعات شبابه .
في هذا السياق أرى أن استقالة حمدوك ضربة موجعة لقادة انقلاب أكتوبر ٢٠٢١، ومن آزروهم بأساليب عدة.
كما أرى أن تفاعلات ما بعد الاستقالة ستدعم خيار الشعب ،وحقوقه المشروعة في (الحرية والسلام والعدالة)، وقد تفتح بابا لثقافة مطلوبة وهي ثقافة الاستقالة، أمام عسكريين يحكمون الآن ، ومدنيين أيضا، احتراما للنفس وحقائق الواقع ، وخوفا من التاريخ ، واقرارا بالفشل ، وتقديرا لنبض شباب من الجنسين ، تقترن أقوالهم بأفعالهم،ويقدمون يوميا درسا جديدا .
ويبقى التحدي الأكبر لانجاح ثورة الشوارع السلمية يكمن في ضرورات توحيد خطى قوى (الثورة والتغيير) وفق برنامج متفق عليه لا مكان فيه لأمراض (الأنا).
هؤلاء الجبناء الرعاع لا يحترمون إرادة الشعب ولا خياراته في الحرية والديمقراطيه، فكانوا يودون احتواء حمدوك ليعمل لهم. Covering, وعندما قدم استقالته سحب منهم البساط. ومن وقتها الى الآن السودان من سيئ الى الأسوأ.
صدق تحليلك وتنبوأتك يا لك من صحافي فذ، متعك الله بالصحة والعافية.
تحياتي أستاذة آسيا
كنت اود ان يظل حمدوك بالدارجي يبقى ليهم في حلقهم الى ان يقيلو من منصبو ..
لكن الرجل اظهر شي لا يشبه اي كارزما لمسئول دولة وابن بلد لا اقول منذ الاستقلال بل منذ صلاح الدين الايوبي ؟؟!
حمدوك هذا المهذب هو السوداني الوحيد الذي قال لمصر في خطاب مبطن لكن واضح وضوح الشمس و قد طرق الوتر الحساس في العلاقة بين مصر بالسودان ونظرة المصريين لا اقول مصر٫ للسودان والسودانيين …
عندما تحدث في ( مركز الاهرام ) وامام نخبة من جهابزة واضعي ومحللي السياسة في الشرق الاوسط وافريقيا !! ( قوقل قاعد وموثق اللقاء)
انه يجب التحدث في المسكوت عنه في العلاقات السودانية المصرية )).
ونظرة المصريين الشعب السوداني …
وتفعيل المناطق المتنازع عليها ان تكون نقاط جزب في المصالح المشتركة بين البلدين لا نقاط خلاف ….
واعتقد جازم بدور المصريين في انقلاب 21 ظاهر لكل من يفهم في السياسة وسياسة المصالح ، وحتى هذه الحرب دور المصريين واضح جدا واتضح اكثر عندما اغقلو باب التاشيرة بالعديل وفتحوها بالخلا !!!!
وقد قالها زعيمهم السابق حسني مبارك قد اتحالف مع الشيطان في مصلحة مصر !!!
والان مصر تتحالف معنا لتضمن اكبر دمار وفوضى خلاقة تخدم مصالحها ..
حيث الى الان ماتقوله مصر خلاف ما يوجد على الأرض …
سؤال ؟!
لماذا منبر جدة !!! وليس منبر القاهرة !
مش نحن ابناء النيل والمصير واحد وووو
والسودانيين في مصر أو العكس مواطنين بدرجة واحدة
ومصر في اول جلسه لمجلس الامن اشارت بان مايحدث في السودان شان داخلي !!!
ومصر مستحيل تدع حكومة مدنية فاهمة وأولاد بلد يديرو السودان … بالواضح !
وحمدوك اعتقد ضرب مثل ماعاوز اقول نبي لكن في الانسان المهذب المؤدب والخلوق والمتعفف عن شرب الدماء !!!
زادك الله علما
وقلما صادقا
,واريد ان اشير هنا الى امر خطير جدا !!
( الكلمة) أمانة !!!
منذ زمن كلمة ( تقسيم ) وكثير من السيناريوهات وهذه الفكرة تناقش على الميديا !!
كل الحروب قد تحدد فيها ساعة البداية ولكن النهاية تظل غير معلومة !
( عبثية )
لم افهم ماذا يقصد !!!
ان كانت الحرب بدأت عبثا
يقصد !!؟
الان بسبب هذا العبث أصبح السودان في مفترق ومخترق !!
… لا تدري من ربه …
ومتى نهاية اللعبة !!!
والضحايا الان هنالك أرقام تقول 250 الف نفس ذهقت منذ انطلاق الحرب واعتقد شخصيا اكثر من ذلك ٫ ودمار وتعطل لبنى يفوق 150 مليار دولار …. ولا توجد اي معلومة عن الحجم الحقيقي !!!
وللك ان تحسب خسارة اكثر من 17 مليون نسمة في سلم التعليم لمقاعد الدراسة ودي الخسارة الكبرى للاسف ..
فالسودان رغم عراقته ومنذ ما قبل التاريخ إلا انه شباب
2019
اقتطع منها الرقم 19 وهو متوسط اعمار شباب هذه التي نسمى ثورة ديسمبر
ومعظم التركيبة السكانية للسودان في سن الشباب بين 18 و 35 باكثر من 65%
اعتقد خيارات الكهنة ضعيفة مع هؤلاء الشباب واذا تم توجيههم الى الأعمار أفضل من الضد
لان الضد يعني تحول السودان الى افغانستان 2 أو قل اوكرانيا 2 ( من حيث افراغ السكان ) مع فارق الامكانات
ولكن يظل السودان مارد اذا ما وضع ابناءه كل الاختلاف جانبا ”
فاوكرانيا مثلا تعدل 40% من مساحة السودان وتغطي 40% من برنامج الغذاء العالمي “”
لك ان تتخيل قدرة السودان مع فارق الميزات البيئية السودان !!!
عدونا جلهنا بعدم القدرة على ادارة هذا الاختلاف والتنوع الفريد السودان !